ومن هنا كان له شرطه: أي اللزوم في العقد الجائز بعقد لازم آخر، ولو أنه من المنافي لمقتضاه لم يصح ذلك إذ هو كاشتراطه عدم المالك في البيع، ونظيره هنا عدم ملك العامل الحصة من الربح، لا اشتراط اللزوم في المضاربة، وكذا الكلام في الضمان الذي لا ينافي كون الشئ أمانة، فإن كثير من الأمانات مضمونة كعارية الذهب والفضة، والعارية المشترط فيها ذلك، والمقبوض بالسوم، وغير ذلك، بل ستسمع ضمان العامل في كثير من صور المضاربة، بل وكذا الكلام في اشتراط الزام العامل حصة من الخسارة، فإن جميع هذه الأمور من الأحكام، أو مما هو مقتضى إطلاق العقد، لا أنها من منافيات مقتضاه التي تعود عليه بالنقض. فتأمل جيدا.
بقي شئ وهو أنه قد صرح الفاضل في القواعد وتبعه في جامع المقاصد بصحة شرط المالك على العامل المضاربة في مال آخر، أو أخذ بضاعة منه، أو قرض أو خدمة في شئ بعينه، معللا له الثاني منهما بعموم قوله تعالى (1) " أوفوا بالعقود " وقوله (2) " المؤمنون عند شروطهم " لكن عن ابن البراج الجزم بفساد العقد والشرط، وكذا عن المبسوط، إلا أنه قال: أخيرا " ولو قلنا القراض والشرط جائز، لكن لا يلزم الوفاء به كان قويا " ثم إنه في جامع المقاصد " قد حكي عن التحرير عدم لزوم الوفاء به، ثم قال: " وهو حق، فإن العقد جائز من الطرفين، لكن لم يذكروا حكم ما إذا عمل العامل ولم يف بالشرط، فظهر ربح، والذي يقتضيه النظر أن للمالك الفسخ بفوات ما جرى عليه التراضي، فيكون للعامل أجرة المثل، وللمالك الربح، إلى أن قال ولو شرط ذلك من طرف العامل على الملك، فالحكم كما هنا، بغير تفاوت إلا أن الفسخ هنا بعد العمل إذا لم يحصل الوفاء يكون للعامل، لأنه إنما رضي بالحصة القليلة مع هذا الشرط ".
قلت: لا يخفى عليك ما في الذي جعله مقتضى النظر، فإن التزام تسلط المالك والعامل بعد العمل على الفسخ بفوات الشرط، وأخذ المالك تمام الربح، والعامل أجرة