في المقام الاشتباه.
ومن هنا قال في التذكرة: " لو اشتبه الخارج أنه حيض أم لا لم يحكم بالبلوغ، ولا يحكم إلا مع اليقين عملا بالاستصحاب " وهو كذلك ومعه يسقط اعتبار الصفة، فإنها إنما تعتبر في صوره الشك.
وأما دلالة الحمل على السبق فباعتبار قضاء العادة بتقدم الحيض، وباعتبار كونه مسبوقا بالانزال الذي قد عرفت سببيته للبلوغ، لأن تكون الولد إنما يكون من اختلاط مجموع المائين، وهو المراد من الأمشاج في الآية الكريمة (1) على ما هو المشهور بين المفسرين كإرادة صلب الرجل وترائب المرأة من قوله تعالى (2) " يخرج من بين الصلب والترائب " لا صلب الرجل وترائبه، ولا أن المراد بالأمشاج الأخلاط من الطبايع التي تكون في الانسان من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، ولا الأطوار والشؤون، ولا الاختلاط من مني الرجل وحيض المرأة، مع أنه على الأخير يتم المطلوب أيضا.
وما ذكرناه في الآيتين هو المروي عن ابن عباس بل هو موافق للنصوص الكثيرة عن النبي صلى الله عليه والأئمة عليه السلام على أن خلق الولد من المائين وأن ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رفيق، وأن العظم والعصب والعروق من نطفة الرجل والشعر والجلد واللحم من نطفة المرأة، وأن الذكورة والأنوثة والشبه بالأعمام والأخوال من تسابق المائين، وعلو أحدهما على سابقه روى ذلك الصدوق، والراوندي، والطبرسي، في المحكي عن العلل، والقصص، والمجمع والاحتجاج.
وما عن الحكماء والأطباء من الاختلاف في مني المرأة فعن أرسطو وأتباعه أنه لا مني لها وإنما ينفصل عنها رطوبة شبيهة بالمني إذا امتزج بها مني الرجل تولد منها مادة الجنين، وذلك لوجود القوة العاقدة في مني الرجل والمنعقدة في رطوبة المرأة.