وعن جالينوس وأكثر الأطباء أن للمرأة منيا كالرجل، وفي كل منهما قوة عاقدة ومنعقدة، لكن مني الذكر أشد وأقوى في الفعل والتأثير من مني الأنثى، وعن الحكماء أن مبدء التصوير في مني الرجل، ومبدء التأثير والتصور في مني المرأة، وإنما المني إنما يقال عليهما بمحض اشتراك الاسم، وإلا فمني الرجل حار نضيج ثخين، ومني المرأة جنس من دم الطمث وإنما حصل به استحالة يسيرة، لا يبعد به عن الدم بعد مني الرجل منه، ولذا يسمونه طمثا لا منيا.
وعن بعض المحققين أن المني عند الحكماء وهو الماء الجامع لبياض اللون ورائحة الطلع، والدفق واللذة والقوة العاقدة غير قادح في شئ مما ذكرنا، ضرورة كون النزاع بين الفريقين لفظيا، وأن الاتفاق منهما واقع على أن تكون الولد من مجموع المائين، والعبرة في التسمية بالعرف واللغة ورطوبة المرأة تسمى منيا فيهما، و خروجها عنه باصطلاح الحكماء لا يقدح في ثبوت الحكم الشرعي المنوط بغيره، كما هو واضح.
وعلى كل حال ففي التذكرة والقواعد والمسالك " أن دلالة الحمل على البلوغ منوطة بالوضع، لعدم العلم بتحققه بدونه، فبعد الوضع يحكم بالبلوغ قبله ".
قلت الأجود إناطة الحكم بالعلم في أصل الحمل، وابتدائه فلو علم به قبل الوضع حكم بالبلوغ، وكذلك لو علم بكونه لأكثر من ستة أشهر حكم به، فلما يحتمل النقص عنه، ولا فرق في دلالة الحمل على البلوغ بين أن يكون الولد تاما أو غير تام، إذا علم أنه مبدء نشو آدمي، كما في العلقة والمضغة، ويسقط اعتبار الستة أشهر هنا. وللرجوع إلى الأربعين كما دلت عليه الروايات في مراتب النشو وجه وجيه.
ثم لا يخفى عليك أن الحاجة إلى هذه العلامة فيما إذا تحقق الحمل للمرأة من غير إحساس بالانزال، فلو أحسست به حصل لها العلم بالبلوغ بذلك وجرى عليها القلم، وإن توقف الحكم به ظاهرا على ظهور الحمل، أو تحقق الوضع والله هو العالم بحقية الحال.
(تفريع: الخنثى المشكل) بناء على الانحصار في الرجل والمرأة، وأنه