محمد صلوات الله عليه أنه سئل عن جدار الرجل وهو سترة فيما بينه وبين جاره سقط، وامتنع من بنيانه قال: ليس يجبر على ذلك إلا أن يكون وجب ذلك، لصاحب الدار الأخرى، أو شرط في أصل الملك، ولكن يقال لصاحب المنزل: استر على نفسك في حقك إن شئت. قيل له فإن كان الجدار لم يسقط، ولكنه هدمه أو أراد هدمه إضرارا بجاره لغير حاجة منه إلى هدمه، قال: لا يترك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " لا ضرر ولا ضرار " وإن هدمه كلف أن يبنيه.
وعلى كل حال فما في جامع المقاصد هو كالصريح في عدم الجبر في غير الصورة المفروضة، ومنه ما سمعته من المسالك الذي لم يعلقه على الضرر ونحوه، بل جعله من أحكام الشركة في الجدار التي قد اعترف سابقا باعتبار الإذن من الشريك، لو أراد التبرع ببنائه، ولاحقا في مسألة السفل والعلو، وحينئذ يكون كاقتراح وضع جدار مشترك بينه وبينه في أرض مشتركة، وآلات كذلك، ولا ريب في عدم وجوب الإذن بذلك عليه، وإن تضرر الآخر بذلك، وإنه لا وجه لرفع أمره إلى الحاكم، ولا لجبره على ما هو غير واجب عليه.
نعم لو قلنا أن سبق وجود الجدار بينهما يوجب الحق لهما في وضعه على وجه لا يجوز له الامتناع مع طلب الآخر، اتجه حينئذ ذلك، لكن ينبغي عليه عدم اعتبار إذنه، بل نهيه أيضا كما في باقي صور امتناعه عما هو حق عليه، وكأنه هو الذي لحظه الفاضل فيما ذكره في القواعد من عدم جواز منعه إياه لو أراد الانفراد بالعمارة إلا أنه كما ترى، ضرورة عدم ثبوت حق يكون الجدار بينهما على وجه يوجب ذلك وهو واضح، ولو سلم فهو غير ما سمعته من المسالك الذي لم أعثر على موافق له فيه، ولا من احتمله، بل صريح كلماتهم عدمه، بل هو في نفسه بناء على اعتبار الإذن في غير محله، بل منه يعلم ما في تفصيل المحدث البحراني من أنه لا يحتاج إلى الإذن من الشريك في العمارة مع فرض التضرر به، ولا بد منها مع عدمه، إذ هو مع أنه خروج عن محل البحث الذي هو الجدار المشترك من حيث كونه كذلك: أي مع قطع النظر عن الأمور الخارجية، قد يناقش فيه بأن فرض ضرر أحدهما بعدم العمارة قد يعارض