كذلك أيضا، لكنه كما ترى، أو يدعى أن الأصل بالعكس كما أشرنا إليه سابقا، ولو لفقد نحو " الناس مسلطون على أموالهم " في المقام، الباقي على اشتراك الناس فيه الذي يختص السابق به منهم مع عدم تضرر الآخر، لقاعدة " لا ضرر ولا ضرار ".
لكن في دعائم الاسلام (1) " وعنه صلوات الله وسلامه عليه أنه سئل عن الرجل يطيل بناءه فمنع جاره الشمس قال: ذلك له. وليس هذا من الضرر الذي يمنع منه ويرفع جداره ما أحب إذا لم يكن نظر منه إليهم " وفيها (2) أيضا " وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: ليس لأحد أن يفتح كوة في جداره ينظر منها إلى شئ من داخل دار جاره فإن فتح للضياء في موضع يرى منه لم يمنع ذلك ".
وأما عمل السرداب في الطريق النافذ إذا أحكم أزجه ولم يحفر الطريق من وجهها بحيث يضر المارة فقد صرح غير واحد بجوازه، للسيرة أيضا. نعم لا يجوز ذلك في المرفوع إلا بإذنهم. وإن أحكم، ومثله الساقية من الماء وإن لم يكن لها رسم قديم، لكن الفاضل منع من عملها في النافذ وإن أحكم الأزج عليها، أما لو عملها بغير أزج فإنه يمنع منها اجماعا، كما في الدروس، ولكل أحد إزالتها ولو تضرر الجار بالسرداب والساقية فالظاهر جريان البحث السابق فيها، ولا يجوز احداث دكة فيه ونحوها على باب داره وغيرها لأهل الدرب وغيرهم.
نعم ربما ظهر من بعضهم جوازها في الزائد على المقدر شرعا عنه وفيه: أن الزائد بعد احياء المسلمين له بالاستطراق يكون حاله كحال الطريق بالنسبة إلى ذلك، ولعله لذا قال في الدروس " اتسع الطريق أو ضاق، لأن احياء الطريق غير جايز، إذ هو مشترك بين مارة المسلمين، فليس له الاختصاص المانع من الاشتراك " بل فيها أيضا " وكذا لا يجوز الغرس فيه، وإن كان هناك مندوحة، لأن الزقاق قد يصطدم ليلا وتزدحم فيها البهائم، ولأنه مع تطاول الأزمنة ينقطع أثر الاستطراق في ذلك، ويحتمل جوازه ما لم يتضرر به المارة من ذلك، كالروشن والساباط " ويضعف بأنهما في الهواء، بخلاف الدكة والشجرة.