المحيل، والقبول من المحتال.
ومن هنا قيل مع فرض اعتباره لا فرق بين مقارنته، ولحوقه، بل وسبقه، إذ ليس هو من أركان العقد المعتبر فيه اتصال قبوله بايجابه، وكونه باللفظ العربي ونحو ذلك، بل لا يبعد كونه كاشفا مع فرض تأخره على نحو الرضا في عقد الفضولي، إلا أنه لم أجد مصرحا به، كما أني لم أجد القول باحتمال اعتباره على وجه القبول، بأن يكون هذا العقد مركبا من إيجاب، وقبولين، وإن كان هو مقتضى ما تسمعه من دليلهم أيضا، وسوى اختلاف الناس في سهولة القضاء والاقتضاء المعلوم عدم رجوعه إلى حاصل ضرورة " تسلط الناس على أموالها " ولذا جازت الوكالة على استيفائه، ونقله إلى الغير ببيع وصلح ونحوهما، وسوى دعوى اقتضاء الحوالة النقل، كما هو مقتضى ما سمعت من تعريفها بل في محكي التذكرة الحوالة تقتضي نقل الحق من ذمة المحيل إلى المحال عليه عند علمائنا أجمع، وكذا عن الخلاف والمبسوط والغنية والسرائر، وأنه لذلك سميت حوالة، ولا ريب في توقف الانتقال إلى ذمة الغير على رضاه التي يمكن منعها بالمعنى المزبور، وأنها إنما تقتضي الوفاء بماله في ذمة الغير عما في ذمته، خصوصا بعد كون المتعارف في القصد بالتحويل ذلك، لا انتقال ما في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه عوضا عماله في ذمته، ولا وجه لاقتضائها ذلك، مع فرض عدم قصده.
نعم هو كذلك في الحوالة على البرئ التي هي كالضمان بخلاف الفرض الذي هو كالوفاء، بل يمكن إرادة كونها ناقلة بمعنى اقتضائها نقل ما في ذمة المحال عليه إلى ملك المحتال عوضا عماله في ذمة المحيل.
ومن هنا تخيل بعض العامة أنها بيع أو معاوضة، بل يمكن إرادتهم في التعريف المزبور وغيره ذلك أيضا، على معنى اقتضائها انتقال مساوي حق المحتال في ذمة شخص آخر غير المحيل إليه، بل قد يقال توسعا: اقتضت نقل المال من ذمة إلى ذمة أخرى بالاعتبار المزبور.
وبالجملة فالمسلم والمتعارف في قصد المتعاقدين ذلك، وهو لا يتوقف على الرضا، إذ هو حينئذ كنقله بغير التحويل من البيع ونحوه، وأما غيره فلا دليل عليه بعد أن لم