المقنعة، بل عن المقداد في التنقيح اختياره، فاعتبروا براءة المحتال، وإلا لم يبرء.
لخبر زرارة (1) " عن أحدهما عليه السلام في الرجل يحيل الرجل بما كان له على رجل آخر فيقول له الذي احتال برأت مما لي عليك؟ فقال: إذا أبرءه فليس له أن يرجع عليه، وإن لم يبرأه فله أن يرجع على الذي أحاله " لكنه خبر واحد موافق للمحكي عن الحسن البصري، ومحتمل لإرادة الرجوع عليه ولو في حال الاعسار مع الجهل به، وللكناية عن القبول والرضا بالحوالة، فلا يصلح معارضا لتلك الأخبار، ولو على جهة التقييد، ولا لما دل على اللزوم في عقد الحوالة المستفاد من الآية والاجماع وغيرهما، بل رد هذا القول مضافا إلى ما ذكرنا بالاجماع بقسميه، على اقتضاء الحوالة نقل المال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، ولكن قد يناقش بمنع الاجماع المزبور، إذ لا يتصور معه الخلاف المذكور الذي قد سمعته من غير واحد، بل المخالف إنما عبر بلفظ الأظهر ونحوه، ولو أن هذا الاجماع محقق لم يتصور محل للابراء معها، كما لا تصح هي إذا وقع قبلها.
ومن الغريب ما في المسالك في المقام حيث قال: " حكمان أحدهما: أن الحوالة تفيد نقل المال وتحوله من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، وهو موضع وفاق منا ومن العامة إلا من شذ منهم، فإنه جعلها كالضمان بمعنى الضم، وفساده ظاهر إلى أن قال: وثانيهما: أن المحيل يبرأ من حق المحتال " إلى آخر ما ذكره مع أنه في السابق عند البحث على اعتبار رضى المحال عليه، بعد أن ذكر دليل الخصم أنها تقتضي الانتقال قال: " إنا نمنع من اقتضاء الحوالة النقل، بل هي ايفاء لما في ذمة الغير، فلا يقصر عن بيعه ولا يشترط فيه رضاه " إذ مع فرض تحقق الاجماع المزبور لا يتصور النزاع المذكور.
نعم ما يمكن تسليمه من الاجماع اقتضاء الحوالة النقل بمعنى انتقال ما في ذمة المحال عليه إلى المحتال، وأما اقتضاؤها مع ذلك براءة ذمة المحيل على وجه ليس له الرجوع عليه وإن لم يقبض من المحال عليه، فلا، عند من عرفت، جمعا بين النصوص