ومن ذلك كله يظهر لك الحال فيما ذكره الأستاذ في شرحه قال:
وتحقيق الحال أنها وإن بنيت على الجواز فكان الأصل البقاء على ذلك، لكنه معارض بأصالة اللزوم، على أنا نعلم من تتبع كلمات القوم، والنظر إلى السيرة القاطعة أن الجواز مشروط بامكان الرد وبالخلو عن الضرر المنفي بحديث الضرار، فلو تلف كل أو بعض منه، أو من فوائده بتصرف بعين أو منفعة من ركوب أو سكنى أو حرث أو دخول في عمل ونحوها أو بيع أو إجارة أو زراعة أو مساقاة ونحوها على وجه لا يمكن فسخها شرعا أو باتلاف أو تلف سماوي تعذر الرد ولم يتحقق مصداقه ولو صدق في البعض امتنع أيضا، ومع حصول الضرر بالتبعيض وتغيير الصورة بالطحن أو تفصيل أو خياطة أو صبغ ونحوها لو دخل تحت الرد جائه ثبوت الضرر غالبا بتبديل الصفات واختلاف الرغبات، نعم لو بقي الشئ على حاله وزاده حسنا بصقل أو إخراج غبار أو إزالة وسخ ونحوها لم يكن فيه ذلك.
وأما المزج على وجه لا يتميز فلا يمكن رده بعينه، وقبول الجميع فيه منة، ودخول مال الغير في ماله من غير فرق بين الأجود ومقابلاته والظاهر أن الرد مقيد ببقاء الملك، فلو خرج عنه ولو بعقد جائز دخل في حكم آخر، وقد يخطر بالبال أن مجرد التصرف وإن خلا عن المالية اختيار للزوم، كما في الخيار فيجزي مطلقه، لكنه مردود بالأصل مع ارتفاع الشك، وخروج الخيار عن الأصل بالنص لا يقتضي خروج ما نحن فيه، ولو صدر الاتلاف من الدافع لما في يد المدفوع إليه كان كالرد إليه على اشكال.
ولا يخفى عليك مواضع النظر في كلامه بعد الإحاطة بما ذكرناه وحديث الضرار لو قضى بذلك لقضى به في الخيار كما أنه لا سيرة