أيضا بالنظر إلى الجهالة والعلم والغرر، وعدمه الذي من المعلوم عدم المدخلية لزمانه صلى الله عليه وآله وسلم في رفع شئ من ذلك وإثباته، واحتمال جوازه مع الغرر والجهالة مما لا يعرفه أحد من الفقهاء، بل ظاهر كلام من وقفنا عليه منهم عدمه، بل لا يبعد القول بعدم اعتبار الكيل والوزن في زمانه عليه السلام، مع فرض تعارف عدمه فيما تعقبه من الأزمنة، وإن أثموا بذلك من أول الأمر حيث أقدموا على البيع فاسدا، لكنه تعارف ذلك بحيث ساوى ما يباع جزافا، ضرورة عدم صدق الجهالة والغرر، لتوقف تحققهما على اعتبار العلم بالكمية وملاحظتها حتى يقال إن ذلك بدونها مجهول وفيه غرر، بخلاف ما لو كان جزافا في زمانه عليه السلام، ولكن تعارف اعتبار الوزن مثلا فيه فإن بيعه بدون ذلك من الغرر والجهالة قطعا، نعم لا عبرة بالعادة الناشئة عن التسامح في الدين والاقدام على المغابنة فإن مثله لا يكون عادة ضرورة كون الكمية ملاحظة لهم لكن يفعلون ذلك تسامحا.
وربما اشتبه الحال على بعض الناس من الفرق، بين العادتين، ولا إشكال مع اتفاق العادة أما مع اختلافها فالمتجه جريان حكم كل قطر على عادته، بل لا يبعد صحة المعاملة بين شخصين من أهل قطر تعارف الجزاف فيما بينهم وإن وقع ذلك منهما في البلد التي تعارف فيها الكيل وبالعكس، إنما الاشكال مع اختلاف المتعاقدين، ولا ريب في الصحة مع ملاحظة الاعتبار الجامع لهما. والأقوى الفساد مع عدمه لأن الجهالة بالنسبة إلى أحدهما كافية في فساد العقد، من غير فرق في ذلك بين وقوع المعاملة في بلد الاعتبار أو بلد الجزاف أو في مكان خارج عنهما، ضرورة عدم اندفاع الجهالة بالبلد، فينبغي حينئذ لهما