بين الصورتين، نعم قد يشك فيها بالنسبة إلى ما ذكرناه أخيرا من البيع بالألفاظ غير اللفظ المخصوص هذا، وفي محكي تعليق الإرشاد أن من المعاطاة الإجارة ونحوها، بخلاف النكاح والطلاق ونحوهما، فلا تقع أصلا وهو قاض بمشروعيتها في سائر العقود، وأن لها حكم ذلك العقد الذي قامت مقامه، وقصد بها على نحو ما سمعته في البيع.
لكن في جامع المقاصد إن في كلام بعضهم ما يقتضي اعتبار المعاطاة في الإجارة وكذا في الهبة وذلك أنه إذا أمره بعمل على عوض معين عمله واستحق الأجرة، ولو كانت هذه إجارة فاسدة لم يجز له العمل، ولم يستحق أجرة مع علمه بالفساد، وظاهرهم الجواز بذلك وكذا لو وهب بغير عقد فإن ظاهرهم جواز الاتلاف ولو كانت هبة فاسدة لم يجز، بل يمنع من مطلق التصرف، وهو ملحظ وجيه وظاهره عدم الجزم بذلك، وفي المسالك بعد نقل ذلك قال: إنه لا بأس به إلا أن في مثال الهبة نظرا من حيث أن الهبة لا تختص بلفظ، وجواز التصرف في المثال المذكور موقوف على وجود لفظ يدل عليها، فيكون كافيا في الايجاب إلا أن يعتبر القبول القولي مع ذلك، ولا يحصل في المثال فيتجه ما قاله، قلت: أو يفرض أن الهبة كانت بالفعل الذي قصد به ذلك، كالمعاطاة فيما نحن فيه، وليس المهم ذلك.
إنما المهم بيان حكم المعاطاة بالصورة الثانية في باقي العقود كالقرض والرهن والضمان والحوالة والكفالة والمزارعة والمساقاة والصلح والإجارة والجعالة والوصية والوقف ونحوها، وبيان فائدة الصيغة في بعضها مع فرض جريانها فيها، كالقرض والضمان وأنها اللزوم كما في المقام، فيجوز الرجوع فيما كان بالمعاطاة منها قبل حصول ما يقتضي لزومها، بناء على مساواتها لمعاطاة البيع أيضا فيما تلزم به، بخلاف ما لو كان