الأفاضل في المقام الذي هو من مزال الأقدام، ولا ينافيه ما أدعوه من الاجماع على عدم الاستيجار على الواجب في حق الأموات، من التغسيل والتكفين والدفن والصلاة عليهم، حتى أن ما حكي عن المرتضى من الخلاف فيه ليس خلافا في الحكم، بل هو خلاف في الوجوب على غير الولي، ولذا جوز استيجاره عليه، وكان الذي دعاه إلى ذلك ظهور الأدلة في توقف صحة فعل الغير على إذن الولي، فظن أن الوجوب على الولي.
وقد أطلنا الكلام في أحكام الأموات في بيان عدم المنافاة، وأن المراد من ذلك تقديم الولي في الفعل لو أراده وإن كان الكل مخاطبين، وإن توقف صحة فعل الغير على الإذن لا ينافي الوجوب، كما في الوصي والناظر والأمر في الجهاد مثلا ونحوه، وذلك لما عرفت من ظهور الأدلة في الوجوب المجاني وأنه لا نيابة فيه، نعم هو عملي محض لا يجب فيه بذل المال من الماء والكفن ونحوهما كما قرر في محله، بل لعله إلى ذلك لمح القاضي في إطلاقه عدم جواز أخذ الأجرة ولو على ما زاد على الواجب من الغسلات والتكفين في القطع الزائدة والتعميق في القبر، باعتبار ظهور الأدلة في المشروعية مجانا، وإن كان المشهور نقلا وتحصيلا خلافه، أو أنه لمح إلى أن كل ما جيئ به من ذلك فهو من الأفراد الواجبة وإن كانت هي الأفضل من غيرها، فالاستيجار عليها استيجار على الواجب أيضا.
ودعوى كون الاستيجار إنما يقع على ما زاد على الواجب بعد الفراغ منه خلاف مفروض البحث، ضرورة كون أعم من ذلك ومن إيجاده دفعة واحدة فيما يمكن فيه ذلك كالحفر، بل لعله على كل حال هو أحد أفراد الواجب فلا ريب في أن الأحوط عدم الأجرة مطلقا،