قال الشيخ في المبسوط في فصل أقسام الغزاة: ما يحتاج إليه من الكراع وآلات الحرب كان من بيت المال من أموال المصالح، وكذلك رزق الحكام وولاة الأحداث، والصلاة وغير ذلك من وجوه الولايات، فإنهم يعطون من المصالح، وهي تخرج من ارتفاع الأرضين المفتوحة عنوة، وكذا قال العلامة حاكيا عن الشيخ: وقد سلف لنا في الجهاد ما يقتضي عموم الإذن فيه في زمن الغيبة، ولكن الأحوط ما هنا هذا كله في الخراج، وما شابهه من الجزية ونحوها مما هو راجع للمسلمين، وولاية قبضه والتصرف فيه لإمامهم فغصبه الجائر.
(و) أما ما يأخذه (من الأنعام) وغيرها من الأموال الظاهرة التي لا يمكن سترها على حكام الجور (باسم الزكاة) فظاهر الأصحاب بل هو من معقد إجماعاتهم أن حكمه حكم الخراج ف (يجوز) حينئذ (ابتياعه وقبول هبته) وغير ذلك من التصرفات فيه التي عرفت تفصيلها في الخراج. (ولا يجب إعادته على أربابه وإن عرف بعينه) وقد سمعت ما يدل عليه من النصوص، لكن في المسالك أنه يشترط هنا أن لا يأخذ الجائر زيادة عن الواجب شرعا في مذهبه، وأن يكون صرفه لها على وجهها المعتبر عندهم، بحيث لا يعد عندهم عاصيا، إذ يمتنع الأخذ منه عندهم أيضا، وفيه ما عرفت سابقا في الخراج الذي له أرباب مخصوصون أيضا من المخالفة، لاطلاق النص والفتوى، وأن اعتقاده الحلية غير مؤثر وإلا لآثر في الإباحة له، ولذا قال: ويحتمل الجواز مطلقا نظرا إلى اطلاق النص (1) والفتوى، بل الظاهر براءة الذمة من أدائها مرة أخرى كالخراج، لصيرورتها زكاة بقبض الجائر أو عامله، ولذا رخص في شرائها منه، كما سمعت التصريح به في النص