لكنه مناف لما دل (1) على عدم بقاء الممسوخ أزيد من ثلاثة أيام وأن الله تعالى لا يمسخ أعداءه أنوارا في السماء يهتدى بها، وإنما سهيل والزهرة الممسوختان دابتان في البحر بل ظاهر بعض العامة فضلا عن الخاصة البراءة من ظاهر هذا الخبر وإنه إن صح فهو رمز من رموز الأوائل أي على إرادة النفس والهوى وافتتانهما بزهرة الحياة الدنيا ونحو ذلك مما يتم به المعنى المزبور ومنها (2) ما تضمن أنهما نزلا لما كثر في الناس السحر والتمويه لرفع الالتباس عنهم وتعليمهم أنه سحر وأن السحر كذا وكذا فافتتن الناس بهما، أو أنهما نزلا مع ذلك لابتلاء الناس واختبارهم ومعرفة المطيع منهم والعاصي بتعليم الناس علم السحر مع النهي عن عمله، وهو أصح ما وصل إلينا من طرقنا، وعلى كل حال فالمراد من الكفر فيها إنما هو بالنسبة إلى بعض أقسام السحر أو المشابهة التي ذكرناها والله أعلم.
وكيف كان فقد ظهر لك مما ذكرناه من النص وغيره أن السحر بعضه مؤثر حقيقة وبعضه مؤثر تخييلا، بل هو مقتضى قوله تعالى (3) (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) ومن قوله تعالى (4) (فيتعلمون ما يفرقون به بين المرء وزوجه) سواء أريد به الربط أو البغضاء، ولا ينافيه (5) قوله (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذنه) ضرورة المراد أن الضرر بعلمه وقادر على دفع تسبيبه الضرر، كغيره من المسببات فإنه لا يزيد على نار إبراهيم عليه السلام التي قال: لها (كوني بردا