النبوية وبقى في اليمن يتابع أخبار المسلمين ويحفظ ما ينزل من القرآن الكريم! (1).
حقا إنها أفيكة لا يرحضها ماء البحر!.
وإذا أنت عجبت من هذه المفتريات التي افتجرها العجاج وسألته وسألت من على شاكلته في العقلية من شيوخه، وقلت لهم جميعا: كيف تسنى لأبي هريرة أن يتابع أخبار المسلمين، ويحفظ ما ينزل من القرآن الكريم - وهم بمكة وهو باليمن؟ وما هي الوسائل التي كان يتخذها في ذلك؟ أجابوك بأن هذا وأكثر منه ليس بغريب ولا مستحيل على أبي هريرة! إنه ليس ببعيد عليه أن يسمع كلام النبي، وما ينزل عليه وهو في مكان سحيق؟ وما يدريك لعل الملك الذي كان يهبط بالوحي على النبي وهو بمكة والمدينة وكان ينتقل كذلك إلى بلاد اليمن ويهبط على أبي هريرة فيبلغه ما يحمل إلى النبي من وحى، وما ينطق به النبي من حديث!
وما على الذين وهبهم الله عقولا تزن، وأفكارا تفهم، إلا أن يلغوها ولا يعترضوا عليها، حتى لا يرموا بالتفسيق أو يكون إيمانهم على حرف. كما قضى بحكمه أخيرا الشيخ محمد أبو زهرة.
اللهم إن الزمن الذي كانت تروج فيه مثل هذه الخرافات والأساطير قد ذهب إلى غير رجعة، وأصبحنا في زمن لا يصدق فيه حتى العامة إلا ما يسوغه العقل الصريح، ويؤيده العلم الصحيح.
ولقد كان لنا بعد أن فضحنا العجاج في كتابه، بما كشفنا عن هاتين الخرافتين، أن نكتفي بهما فلا نسترسل في البحث عن غيرهما، لأنهما ولا جرم كافيتان في هدم هذا الكتاب والآتيان عليه من القواعد، ذلك بأن كتابا مثل هذا تقوم دعائمه على الخرافات يكون من العبث العناية بنقده، أو بذل أي جهد في مناقشته، وإنما الأجدر به أن ينبذ ويلقى في اليم.