ولعل سكون أبي هريرة إذا ما أعطاه معاوية، أن لا يبث أحاديث لا ترضى معاوية أو لا تنال من عدوه.
مثل الحديث الذي رواه البخاري في ذم بنى أمية الذي يقول فيه: هلكة أمتي على يدي أغلمة من قريش.
وقد قال ابن حجر في شرح هذا الحديث: كان ذلك في زمن معاوية.
ومثل الحديث الذي رواه عمرو بن يحيى بن سعيد الآمدي عن جده قال:
كنت مع مروان وأبي هريرة، فسمعت أبا هريرة يقول: سمعت الصادق المصدوق يقول: هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش. قال مروان: غلمة؟
قال أبو هريرة: إن شئت أسميهم، بنى فلان وبنى فلان!
أما كلام أبي هريرة عندما يمسك عنه معاوية فإنه يذكر أحاديث فيها مدح وثناء على على وأولاده، كالحديث الذي رواه عنه أحمد ونصه:
نظر رسول الله إلى على والحسن والحسين وفاطمة فقال:
" أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم (1) ". ونصه كما أخرجه الترمذي من حديث زيد بن أرقم - كما جاء في ترجمة الزهراء من الإصابة أن رسول الله ذكر عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم، كذلك أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه.
والأمثلة في ذلك كثيرة - ومثل هذا ولا ريب مما يغيظ معاوية وقومه.
فكان من أجل ذلك يسارع إلى ما يرضيه.
وقد عرف ذلك أبو هريرة فكان كلما أبطأ عليه معاوية بالعطاء تكلم بما يغضبه لكي يتوالى عليه عطاؤه. ويعود إلى المدينة واليا.
ولنأخذ في بيان أحاديث الوعاءين.
أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله (وعاءين) فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم!