ولا من أهل العقبة الأولى ولا الثانية، ولا من العرفاء، ولا من الكملة في الجاهلية وأول الاسلام، ولا من شعراء النبي الذين نافحوا عنه، ولا من المفتين على عهد رسول الله ولا على عهد أبى بكر وعمر وعثمان، ولم يظهر إلا بعد الفتنة الكبرى - كما سنبينه فيما بعد - ولم يكن من القراء الذين حفظوا القرآن الكريم، ولا جاء في فضله حديث عن رسول الله (1) وكل ما عرف أنه كان من أهل الصفة لا أكثر ولا أقل.
ومما يدل على هوانه وأنه كان من عامة الصحابة الذين لا شأن لهم، ولا علم عندهم، أنه لم يكن من الذين يبعثون إلى الأقطار الاسلامية ليعلموا أهلها أحكام الدين في عهد النبي ولا في عهد خلفائه. حتى في زمن معاوية، وسبق لنا كلام في هذا المعنى عندما بعثه النبي مع العلاء بن الحضرمي.
ولو أن هناك شيئا يؤثر به النبي أحدا من أصحابه، لكان على أولى الناس جميعا به، ذلك بأنه ربيبه، وابن عمه وأخوه ووارث علمه، وأول من أسلم بعد خديجة وزوج ابنته فاطمة، وأبو السبطين لم يفارقه لا في سفر ولا في حضر وشهد معه المشاهد كلها سوى تبوك - ولما استخلفه النبي فيها على المدينة قال له على: أتخلفني في النساء والصبيان؟ فقال له النبي هذه الكلمة التي لن يظفر بها أحد غيره وهي: أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي (2).
حقا كان على هو أولى الناس جميعا بأن يؤثره النبي بأسراره، فإن لم يكن على فأبو بكر أو عمر أو أبو عبيدة أو الزبير حواريه وابن عمته، أو ابن مسعود (3) الذي قال له النبي: آذنك على أن ترفع الحجاب، وتسمع سوادي (4)،