إلى الأكثر أنه أراد أكثر المتأخرين عن المحقق (رحمه الله).
وكيف كان فالذي ذهب إليه المصنف عدم الاشتراط وتبعه عليه بعض متأخري المتأخرين ولعله الظاهر من السرائر أيضا، قال في المعتبر: " ولا اعتبار بكثرة المادة وقلتها لكن لو تحقق نجاستها لم تطهر بالجريان " انتهى، وهو لا يخلو من قوة لما سمعته من الروايات فإنها كالصريحة في عدم اشتراط الكرية، مع أن أقصى ما يمكن أن يستند به للخصم ما في المدارك فإنه بعد أن ذكر مستند الحكم رواية بكر بن حبيب وصحيحة داود بن سرحان قال: " وهما مع ضعف سند الأولى بجهالة بكر بن حبيب وعدم اعتبار المادة في الثانية لا يصلحان لمعارضة ما دل على انفعال القليل بالملاقاة إذ الغالب في مادة الحمام بلوغ الكرية فينزل عليه الاطلاق " وفيه أما أولا أن مضمون رواية بكر مما لا كلام فيه والاجماع منقول بل محصل عليه، مع أن في سندها صفوان وقد قيل فيه أنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، وعن الشيخ في العدة أنه قال في حقه لا يروي إلا عن ثقة، مضافا إلى أن المشايخ ذكروها على سبيل الاعتماد والاعتداد، مع أنها معتضدة بما سمعت من الأخبار وفيها الصحيح وغيره. وأما صحيحة داود بن سرحان فهي وإن لم تشتمل على المادة لكنها اشتملت على التشبيه بالجاري، ومعلوم أن عدم انفعال الجاري إنما هو من جهة المادة فالظاهر من التشبيه أن وجه الشبه ذلك، مع أن الحمام مما له مادة. ولو سلمنا فنقول إن الاجماع والأخبار الأخر مقيدة لها بما إذا كان له مادة والمعلوم من المقيد إنما هو العاري عن المادة أصلا فيبقى الباقي داخلا سواء كانت كرا أو أقل. وأما ثانيا فأنت خبير أن بين ما دل على انفعال القليل وبين ما نحن فيه تعارض العموم من وجه، والترجيح مع أخبار الحمام لكثرتها وتعاضدها وعدم وجود المعارض فيها وكونها منطوقا وتلك أكثر ها مفاهيم، وبعضها قضايا في موارد خاصة، مع معارضتها بكثير من الأخبار كما سيأتي التعرض لها إن شاء الله الجواهر 12