أن هذا الموضوع موجود في السابق فلا. لكن قد يقال مع إمكان المناقشة في بعض ما تقدم: الظاهر أن لفظ الحمام موضوع لقدر مشترك وهو هيئة خاصة يميزها أهل العرف فلا يضر النقيصة والزيادة في الأفراد. نعم الحق أن الحمام له أركان ينتفي بانتفائها ومن ذلك المادة ونحوها، ولا ينفع هنا لو أطلق الاسم للعلم حينئذ بأنه معنى آخر غير المعنى الأول بل يكون حاله مثل ما سميت الآنية بالحمام فإنه لا تجري عليها الأحكام قطعا فتأمل جيدا.
وأما كون المراد بماء الحمام هو ما في حياضه الصغار فهو الظاهر منهم وقد صرح به جماعة، وربما يستفاد من قوله (عليه السلام) (1) كما عن الفقه الرضوي: " إن ماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كان له مادة " فإن الظاهر أن المراد بالمادة إنما هي مادة ماء الحمام، فيعلم حينئذ أنها غير ماء الحمام والذي هو غيرها إنما هو ما في الحياض، واحتمال أن المراد بقوله (إذا) قيد للجاري فيكون مشبها بالجاري الذي له مادة لا مطلق الجاري فيدخل حينئذ ما في المادة في ماء الحمام بعيد خلاف المتبادر والمنساق، على أن الظاهر من التشبيه بالجاري وبماء النهر أن يكون المراد ما يخرج من المادة، لأنه هو الذي فيه صورة الجريان والنهرية، والحوض الكبير بمنزلة المادة التي يخرج منها الماء. (فإن قلت) أنه كما يستفاد من الأخبار تنزيل ما في الحياض بمنزلة الجاري أيضا يستفاد منها تنزيل مادته منزلة مادة الجاري (قلت) حق لكنه لم يثبت هناك أحكام لاحقة للمادة من حيث كونها مادة لتثبت لها هنا، وأما الأحكام اللاحقة لها لغيرها مثل عصمتها لغيرها ونحو ذلك فهي هنا كذلك، وفي رواية بكر بن حبيب عن أبي جعفر (عليه السلام) (2) قال: " ماء الحمام لا بأس به إذا كان له مادة " والتقريب فيها كما تقدم من أن الظاهر أن المراد بالمادة إنما هي الحوض الكبير فيكون المراد بماء الحمام غيرها.