والحاصل بعد أن علمنا أن للحمام خصوصية على غيره كما صرحوا به، ولم يظهر من الأخبار بيان خصوصية الخصوصية، كان العمل بالاطلاق، واثبات الجميع له، وأنه يجري على ماء المادة حكم الجاري بشرط جريانها كما أشار إليه قوله (عليه السلام):
" أليس هو جار؟ قلت: بلى، قال: لا بأس " هو المتجه وأولى من غيره. نعم ربما يقال باختصاص الحكم بما يخرج من المادة لا ما كان فيها، فتنجس حينئذ بملاقاة النجاسة إذا كانت أقل من كر، لما علمت أن المراد بماء الحمام ما كان في حياضة الصغار وما يجري إليها من المادة. ومن هنا قد استبعد العلامة (رحمه الله) الحكم بأن المادة إذا كانت أقل من كر فليست لها قوة على أن تعصم نفسها فكيف تعصم غيرها وتفيده حكما ليس لها. ولعل ما استبعده (رحمه الله) يراه الخصم قريبا بعد ما قضت الأدلة به. مع أنه يحتمل أن يقال - وإن بعد بشمول ماء الحمام للجميع حينئذ، أي ما في المادة والحياض ولا ينجس ما في المادة وإن كان أقل من كر، لكن بشرط جريانه. وقوله (عليه السلام) (2) في بعض الأخبار " إذا كانت به مادة " لا يقضي صريحا بأن ماء الحمام ما عداها، بل قد يشعر بمساواة مادته لمادة الجاري، إلا أن الأظهر ما تقدم سابقا من أن ماء الحمام ما عداها فتأمل.
فصار حاصل البحث أن ما في الحياض حاله كحال الماء الخارج من عين الجاري، والحوض الكبير الذي يأتي منه الماء بمنزلة العين التي ينبع منها الماء فلا يقبل ما في الحياض النجاسة سواء كان ما في الحوض الكبير كرا أو لا، وسواء كان المجموع مقدار كر أو لا، لكن بشرط اتصالها بالمادة وتتجدد الخروج منها. وأما حيث تنجس ما في الحياض إما بالتغيير أو أنها انقطعت عنها المادة فتنجست، فطريق تطهيره كطريق تطهير الجاري بما يخرج من المادة متدافعا عليه حتى يزول تغييره إن كان متغيرا. نعم هناك