إن النجاسة إن كانت عينية ثم غسلتها مرة واحدة فإن الظاهر الطهارة، مع أن مقتضى التقييد السابق العدم يدفعه إمكان دعوى عدم حصول الطهارة حتى تزال العين ويتعقبه غسل ولو بالاستمرار، فحينئذ المطهر الغسل المتعقب وذاك الذي نلتزم بطهارته، ولعله لذا جعل المنتهى محل النزاع الغسلة التي يحصل طهارة المحل بعدها دون غسلة الإزالة، بل لعل إجماع التحرير والمنتهى المتقدم شاهد على ذلك، كما يومي تقييدهما محله بالنجاسة العينية بل ربما يحمل خبر العيص على ذلك أيضا، بل لعل كلام ابن إدريس المتقدم في مسألة الولوغ يرجع إليه أيضا، بل وكلام الشيخ في الخلاف في تطهير الثياب.
فحاصل الكلام بناء على ذلك أن الغسل الذي يفيد المحل طهارة إنما هو المتأخر عن إزالة النجاسة ولو بالاستمرار، فالملتزم طهارته فقط، لأن التطهير إنما حصل به، دون العسل الذي أزال العين، فإنه لا مدخلية له فيه ولذلك لا يتوقف زوال العين عليه، بل يحصل بالبصاق والمضاف ونحوهما، فلو فرض حينئذ غسل أي إجراء واحد من غير تعقب لآخر لا بالاستمرار ولا بغيره وكات النجاسة عينية فالظاهر أنا لا نلتزم بطهارة المحل، بل نقول ببقاء النجاسة إلى حصول غسل آخر ولو باستمرار الصب، نعم لو قلنا بالاجتزاء بما ذكرت لكان لا بد من الالتزام بطهارة ذلك، مع أنه لا بأس بالتزامه إذا فرض استهلاكه لعين النجاسة، بل وإن لم يستهلك نحو ماء الاستنجاء، بل الظاهر لزومه لكل من قال: بطهارة الغسالة، لا يقال: إنه قد ينفصل الماء متغيرا بلون النجاسة ومع ذا تحقق اسم الغسل به، والتزام طهارته هنا حينئذ خرق للاجماع فطهر المحل حينئذ مع نجاسة غسالته، لأنا نقول: نمنع حصول طهارة المحل بذلك، بل لا بد من تحقق غسل آخر بعده بغيره ولو بالاستمرار، نعم لو فرض تغيره بعد تحقق مسمى الغسل به كان لا بأس بالتزام نجاسته، وطهارة المحل به قبل التغير، فتأمل جيدا فإنه دقيق، ويأتي له في غسل النجاسات تتمة إن شاء الله تعالى.
فإن قلت: لم لم نلتزم بما التزم العلامة من الحكم بالطهارة ما دام في المحل فإذا انفصل