فيه لو سلم ذلك في الأحكام لم يسلم في الموضوع، كالجبن المحتمل حرمته، والعبد المحتمل حريته، ونحو ذلك.
(فإن قلت) أن ذلك كله يرجع إلى الشبهة الغير المحصورة، وهي غير واجبة الاجتناب، بخلاف ما نحن فيه، (قلت) أيضا نقول هنا، فإنه بانكفاء أحد الإنائين رجع الموجود إلى كونه شبهة غير محصورة، لأوله إلى كونه نجسا أو غير نجس، فلا فرق بينه وبين الجبن المحتمل حرمته. (فإن قلت) هذا الإناء بنفسه كان واجب الاجتناب إما للمقدمة أو للأصل، فما الذي أزال هذا الوجوب، (قلت): الذي أزاله هو زوال ما أوجبه، وهو اليقين بحصول المكلف به الشخصي، وقد زال فزال ذلك التكليف تبعا له.
(فإن قلت) كلام الأصحاب متفق على خلاف ما ذكرت (قلت):
لعلهم أخذوا ذلك من ظاهر أخبار المقام الآمرة بالإراقة الشاملة للإراقة الدفعية والتدريجية، وبعد ذلك كله فالانصاف أنه فرق بين ذلك وبين ما ذكرنا من أقسام الشبهة الغير المحصورة، وذلك لدوران الجبن الخاص بينه وبين سائر الأفراد منه، بخلاف ما نحن فيه، فإنه دائر بين أن يكون هذا النجس أو الذي انكفى، فهو وإن لم يعلم وجود المكلف به شخصا، لكن التكليف بالكلي موجود ولا يحصل اليقين بامتثاله إلا بذلك، ولا عسر ولا حرج فيه، فيشك أيضا في شمول الأدلة له أيضا، كما ذكرنا سابقا، ومن هنا ينقدح طريق آخر في تقرير المقدمة غير الطريقين السابقين، بأن نقول أن الشارع كلفه باجتناب النجس منهما، وكان مبهما بالنسبة إليه، ولا يتم اليقين بامتثال هذا التكليف إلا باجتناب الباقي منهما، ولعله يرشد إلى ذلك الأخبار الآمرة (1) بوجوب غسل الثوب جميعه عند العلم بحصول النجاسة فيه وعدم العلم بمكانها خصوصا،