وكذلك العلامة والمحقق في كثير من المقامات، والحاصل إنا لم نسمع أحدا تأمل في هذه القاعدة من أصحابنا، بل يقررونها، ويذكرون الأخبار الخاصة حيث تكون مؤيدة لها، وإن وقع لهم كلام في كيفية تقريرها، ولكنهم مشتركون في الاضراب عن هذه العمومات في الطهارة والحل والحرمة، بل عن بعضهم الالتجاء إلى أخبار القرعة (1) دونها، مع كونها بمرأى منهم ومسمع، بحيث لا يكاد تخفى على أطفالهم فضلا عن علمائهم، بل لم يذكروا أحدا من العامة احتمالا فضلا عن الخاصة، بل أوجبوا التحري ونحوه إلى أن ظهر مولانا المقدس الأردبيلي (رحمه الله) فأظهر هذا الشك، كما هي عادته في كثير من المقامات، وتبعه عليه بعض المتأخرين في بعض المقامات، وخالف نفسه فيها في آخر. ولا يمكن الدعوى على الأصحاب أنهم خالفوا هذه العمومات في مقامات خاصة لأدلة فيها، وكيف مع أنهم ينادون بها، ويصرحون في مقام الأخبار وغيرها، ولذلك يتعدون عن غير مورد الأخبار كما في مسألة الإنائين، فإنه ما ورد فيها إلا قولهم (عليهم السلام) في خصوص بعض الروايات التي لا يعمل عليها بعضهم من جهة ما في سندها، وكونها أخبارا آحادا عند آخرين: " أنه يهريقهما ويتيمم " ومع ذلك تعدوا إلى سائر الاستعمالات، وكيف يدعى عليهم ذلك وقد عرفت أن بعضهم يترك العمل بالأخبار الخاصة. ويلتجئ إليها كابن إدريس في حكم الثوبين ونحوه، والحاصل السارد لكلام الأصحاب وأخبار الأئمة (عليهم السلام) فإنه ما اتفق أنه سئلوا يوما عن المحصور وأجابوا بما يوافق هذه العمومات يكاد يقف على مرتبة القطع بعدم جريانها في الشبهة المحصورة، مع أن بعض متأخري المتأخرين كصاحب الحدائق جعل ذلك قاعدة مستفادة من تتبع الروايات، لا أقل من أن يكون جميع ما ذكرنا يورث الشك في إرادة هذا الفرد من هذه العمومات، فتبقى القاعدة سليمة، فتكون هذه الأخبار جعلت النجس ما علم نجاسته في غير المقام. ولا ضير في ذلك، والحاصل المناقشة في هذا
(٢٩٨)