هذا كان طاهرا، لأنه إن أريد به الكون قبل عروض الاشتباه فهو لا معنى له، إذ ليس معلوما أنه طاهر، وإن أريد به الزمان السابق على ذلك فلا معنى لاستصحابه كما عرفت.
(فإن قلت) إن قوله (عليه السلام): (1) " لا تنقض اليقين إلا بيقين مثله " شامل لمحل النزاع، فإنك نقضت اليقين وإن كان سابقا بغير اليقين، (قلت) لا يخفى أن معنى الحديث أنك لا تنقض اليقين الذي لولا عروض هذا الشك لبقي على هذا المتيقن، وفيما نحن فيه ليس كذلك، فإنه لولا هذا الاشتباه لم يعلم كونه على هذا اليقين، إذ قد يكون هو النجس، والحاصل أن المعنى أن تيقن الطهارة مثلا إلى حصول الشك لا تنقضه بالشك، بل ابق على مقتضى اليقين الأول إلى أن يجيئك يقين مثله ينقضه، لا يقال إن ما ذكرت ليس أولى من أن يقال أن معنى الرواية أنه لا ينقض حكم اليقين الأول بسبب الشك، بل هذا أولى، إذ ليس المراد نقض اليقين نفسه، بل المراد نقض حكمه، ضرورة أن اليقين نفسه يرتفع بالشك، لأنا نقول إن هذا أيضا لا ينافي ما ذكرنا، وذلك لأنا لا نريد بعدم نقض اليقين عدم ارتفاع نفس اليقين، بل هو قد ارتفع قطعا، بل نريد عدم نقض الأحكام التي تترتب على الموضوع بسببه، لكن المعنى أنك لا تنقض أحكام اليقين بكل ما يزيل اليقين إلا بالمزيل الذي هو اليقين بالنقيض، وأما باقي المزيلات له فلا تنقض أحكامه بها، وهو ظاهر في أنه لولا هذا المزيل لكان باقيا، لأن الفرض أن نقضه إنما كان به، وهذا المعنى مفقود فيما نحن فيه، لأنه على تقدير فرض نفي الاشتباه لم يعلم أنه الظاهر، على أنه ربما يدعى ظهور قوله (عليه السلام) لا تنقض اليقين أبدا بالشك فيما شك في زوال وصفه نفسه، لا فيما إذا اشتبه بالزائل فتأمل جدا جيدا. على أنا إن قلنا بجريان الاستصحاب فيما ذكرنا من بقاء