الطبيعة. فإن قلت: إن ما قضت به الأدلة من تحريم بعض أنواع البيع ينافي كون الحلية وصفا للطبيعة. قلت: قد يقال أولا أن ما ذكرنا مدلول ظاهري لا ينافيه التخصيص، وثانيا إن ما قضت به الأدلة ليس أن طبيعة البيع حرام، إنما التحريم للفرد وهو لا ينافي حكم الطبيعة، وذلك من قبيل أن يقال الرجل خير من المرأة الذي لا ينافيه وجود أفراد من النساء خيرا من الرجال. فلا ريب في كون ذلك هو التحقيق في استفادة العموم، نعم هو لا يجري في كل مقام إذ من المقطوع به أن السيد إذا قال لعبده بع أو أوجد البيع ونحو ذلك لا يجب عليه استغراق جميع أفراد البيع، والفرق بينهما أن هذا أمر يحصل امتثاله بالواحد، وليس وصفا لاحقا للطبيعة من حيث هي هي يدور مدارها وجودا وعدما، ومن هذه الجهة لم يقل العلامة (رحمه الله) بالعموم في الجميع، بل في بعض دون بعض، ولا يخفى أن ما نحن فيه من قوله (عليه السلام) في الجواب عن الدابة حيث تقع في البئر (ينزح دلاء) من الأول فإنه في قوة أن يقول نزح دلاء للدابة، فحيث توجد هذه الطبيعة يوجد هذا التقدير لها وإلا لم يكن تقديرا لهذه الطبيعة، والتقدير كالتوصيف، وليس المقصود من هذا الأمر التكليف ليتحقق الامتثال بالواحد، بل هو من قبيل اغسل ثوبك من البول مثلا فإنه ظاهر في أن طبيعة البول موجبة لذلك، فحيث توجد يوجد هذا الحكم وكأن هذا المعنى هو مراد العلامة بالعلية أي المناط الذي يوجد بوجودها الشئ فتأمل. ثم قال: " (الثالث) قوله: إن الإبل والثور خرجا بما دل بمنطوقه على نزح الجميع، فيكون الحكم ثابتا في الباقي. قلنا: الذي دل بمنطوقه على حكم الثور دل بمنطوقه على حكم مثله، فإن اقتضى الاخراج في أحدهما اقتضاه في الآخر وإلا فلا " انتهى. قلت: محل الكلام الآن في الفرس والبقر، أما الأولى فليس نحوه قطعا، وأما الثاني فللعلامة أن يقول كذلك، ولذلك لم يعمل به أحد في ذلك المقام، وأيضا لو أراد ذلك لقال البقر، وعلى كل حال فنحوه من قبيل المجملات لأنا لا نعلم الجواهر 28
(٢٢٤)