فيه، ويظهر منه نفي الخلاف فيه، فكيف إذا كان بعد نزوله إليها ومباشرته لمائها بجسمه وهو حي وقد وجب نزح جميعها، فإذا مات بعد ذلك ينزح له سبعون دلوا وقد طهرت، وهل هذا إلا تفصيل من قائله وقلة تأمل، أتراه عند موته انقلب وطهر، ولا خلاف بيننا أن الموت ينجس الطاهر ويزيد النجس نجاسة، ويمكن تقريره بوجه آخر وهو أنه قد ثبت نزح الجميع له في حال الحياة لكونه مما لا نص فيه، فيثبت هنا لأن الفرض موته في البئر فيكون قد لاقاها وهو حي ثم مات والموت إن لم يزده لم ينقصه فتأمل.
وبهذا القياس يخص عموم الرواية الشاملة للكافر والمسلم، وفيه أولا إن أحكام النجاسة تعبدية لا يعرف حكمتها إلا الله، فلا يمكن أن ينقح العقل بعنوان القطع المساواة فضلا عن الأولوية. وثانيا إنا نمنع ما ذكره من وجوب نزح الجميع هنا للحي وإن قلنا وجوبه لما لا نص فيه لأنه على تقدير تسليم ما ادعاه من الأولوية يعلم مما ذكر في الروايات من تقدير الانسان الشامل لهما بالسبعين إن الحي لا يزيد على ذلك إذ ببيان حكم الأشد يظهر حكم الأضعف، وما ذكره من دعوى الاجماع إن أراد به على ما لا نص فيه فمسلم، وإن أراد به في خصوص المقام فممنوع لأن المراد بما لا نص فيه أن لا يعلم حكمه من الأخبار بوجه من الوجوه، ونحن الآن وإن لم نعلم حكمه بالخصوص لكنا نعلم أنه لا يتجاوز السبعين للأولوية التي ادعاها، على أن ظاهر الرواية موت الانسان في البئر فعلى تقدير شموله للكافر يكون ظاهرا في ملاقاته له حيا ثم مات، ومع ذلك اكتفي فيه بالسبعين فبدون موته كذلك بطريق أولى قطعا وأما ثالثا. فلأنا إن سلمنا له وجوب نزح الجميع في الحي فإنما هو من جهة فقد نص المظهر لحكمه فهو حينئذ حكم ظاهري من باب المقدمة لا أنه حكم شرعي واقعي، فلا يستفاد منه أولوية تعارض النص، ولعل هذا عند التأمل يرجع إلى ما سبق، ومما ذكرنا يمكن تحصيل الحكم السابق وهو حكم الميت الخارج عنها مثلا لأنه وإن كان مما لا نص فيه بناء على عدم شمول النص له إلا أنه ينزح له سبعون لا الجميع للقطع بأن الموت في البئر إما أنه أشد أو مساو للموت في الخارج عنها