كما صرح بذلك ابن إدريس في السرائر لكن عن الشهيد الثاني أن كيفيته أن يكون أحدهما فوق البئر يمتح بالدلو والآخر فيها يمليه، ولم نعثر له على مأخذ والأحوط اختيار ما ينزح به من الماء أكثر للاستصحاب، ولو تراوح عليها ثمانية فصاعدا على أن يكون كل اثنين في جانب فهل يكتفي بنصف النهار لقيامهم مقام الأربعة جميع النهار؟ وجهان مبنيان على احتمال المدخلية في التطهير والاستصحاب لحكم النجاسة، وإن لم يمكن تراوح الاثنين عليها دفعة لضيق المسلك ونحو ذلك فهل يجتزى بالواحد فالواحد أو تكون غير قابلة للتطهير؟ والأقوى أنه إن كان الواحد فالواحد يقوم مقام الاثنين فالظاهر الطهارة وإلا فلا، مع احتمال أخذ مقدار يوم أيضا من الليل وتطهر بذلك. وهل يعتبر في التراوح أن يكون التوزيع على السهولة فلا يقدح التفاوت أو لا بد من كونه على السوية؟
لا يبعد الثاني لأنه الظاهر من اكتراء الأربعة، بل ربما يدعي ظهوره من قوله (عليه السلام) يتراوحون، ويحتمل الأول لكن بشرط أن لا يكون التفاوت مورثا لقلة النزح من جهة فتور أهل النوبة لزيادة زمانهم، وهل يعتبر تكرار التراوح مكررا أو يكفي ولو بقسمة النهار نصفين؟ لعل الظاهر أن المدار على عدم حصول التعب المورث للتهاون في النزح، وذكر بعضهم أنه يستثنى لهم الصلاة جماعة وإلا كل مجتمعين، وربما تأمل في الثاني لامكان حصوله عند التراوح بخلاف الأول، وللنظر فيهما مجال لأن استحباب الجماعة لا يقضي بجوازه هنا بعد ظهور الدليل في استيعاب اليوم وإلا لجازت النوافل والأذكار ونحو ذلك من المستحبات التي قبل الصلاة وبعدها وفيها، وإن كان المدار على أن ذلك غير قادح في اليوم عرفا ففيه أن ذلك من المسامحات العرفية، واغتفاره في يوم الأجير لا يقضي باغتفاره هنا، على أن ظاهرهم سابقا أنه ليس كيوم الأجير، ولذلك كان المبدأ من أول الفجر والمنتهى الليل فحينئذ يصلي كل منهم في نوبة راحته، والظاهر أنه يستثنى لهم قضاء حوائجهم من الغائط بحيث لا يزيد على مقدار الضرورة بشرط استقامة المزاج، ولو حدث لهم تعطيل في الأثناء من انقطاع حبل أو شق دلو