وسماحتها وأنه لا حرج فيها، مضافا إلى ما يظهر من أخبار النزح من الأمر بدلاء ودلاء يسيرة ونحو ذلك مما يدل على المسامحة، وكذا الاختلاف الفاحش في مقادير النزح والجمع بين الطاهر والنجس، وورود الأمر بالنزح للأمور الطاهرة، وورود التخيير بين القليل والكثير، وعدم انضباط الدلو، مع اشتمال روايات النزح على ما لا يقولون به حتى لم تسلم رواية من ذلك، ثم الحكم بنجاسة الدلو والرشا وما يسقط منه ثم الطهارة، على أنه من المستبعد جدا أن مقدار الكر من مائها الخارج عنها لا ينجس بالملاقاة وماؤها وإن بلغ ألف كر ينجس بمجرد الملاقاة مع اعتصامه بالمادة دونه، مع أنه فيه من الحرج ما لا يخفى.
وأغرب من ذلك طهارته لو كان كرا مع انقطاع النبع وخروجه عن مسمى البئر ونجاسته لو كان ألف كر مع دوام النبع الذي يزداد به الكمال لا النقص. كل ذلك مع خلو الأخبار عن كيفية النزح بحيث يسلم الدلو من النقوب مع أنه في الغالب لا يسلم من ذلك.
وبعض هذه المؤيدات وإن أمكن دفعها مثل نجاسة ما يتقاطر من الدلو مع الدلو بأن يقال بعدم نجاسة البئر المنزوحة بذلك لما يظهر من الروايات بحصول الطهارة بمجرد النزح المقدر مع أنه في العادة يستحيل سلامته من ذلك، وينبغي أن يستثنى من قولهم بنجاسة البئر مطلقا والظاهر أيضا حصول الطهارة للدلو والحبل وما يتعلق بالنازح وحواشي البئر ونحو ذلك من اللوازم العرفية بتمام النزح. نعم يبقى كلام في أن النازح تطهر ثيابه ونحوها أو خصوص ما يباشر به؟ وهل يعتبر استمراره على النزح إلى التمام أو لا؟ فمن جاء في الأثناء حكمه حكم النازح في الابتداء ونحو ذلك من الأحكام الكثيرة والفروع المهمة بناء على التنجيس، مع أنه ليس في الأخبار لها عين وأثر، حتى أن ما ذكرنا من طهارة الدلو والحبل والنازح وحواشي البئر ونحو ذلك مجرد استظهار ليس في الأخبار له تعرض بل هو شك في شك، وكل ذلك دليل على عدم التنجيس وإلا لما ترك في هذه الأخبار على كثرتها بيان مثل هذه الأمور المهمة.
وكيف كان فلا ينبغي الشك في أن الترجيح لأخبار الطهارة فوجب حينئذ طرح