والحاصل كيف كان يرده بعد ما عرفت من أخصية الدليل من الدعوى القاعدتان، مع إطلاق بعض الاجماعات، وإطلاق بعض الأخبار مع المفهوم، وما ذكرناه له من خبر عمر بن يزيد قد عرفت الكلام فيه عند الكلام على القول بالطهارة مطلقا.
ثم إني لم أعلم ماذا يريد بالوارد؟ فإن كان يريد به مجرد وقوعه مستعليا وإن اتحد مع النجاسة واستقر معها في ثان الأزمان، كما لو فرضنا أن هناك عذرة مثلا ثم وقع عليها ماء قليل من عال حتى صارت مستقرة في وسطه، أو يريد بالوارد إنما هو مع عدم الاستقرار مع النجاسة في ثان الأزمان. فإن كان الأول فبطلانه واضح. بل قد يدعى صراحة بعض الأخبار المتقدمة فيه كترك الاستفصال في آخر، نحو قوله (عليه السلام) " لا يفسد الماء إلا ما له نفس سائلة " (1) ونحوه من الفارة ونحوها (2)، إذ لا يلزم أن يكون الماء سابقا عليها بل قد تكون سابقة عليه، وأيضا فالمتجه بناء عليه لو رأينا ميتة في ماء في إناء لكنا لم نعلم بسبق أيهما الحكم بالطهارة وهو واضح الفساد. وإن أراد الثاني فهو ليس كالأول في الفساد وإن كان فاسدا في نفسه أيضا ولعل كلامه في طهارة الثوب يقضي بالأول فإن الماء يستقر معه ثم ينفصل سيما إذا غسل في إجانة ونحوها بأن صب الماء عليه، ومثله غسل الأواني ونحوها. ويحتمل وإن بعد أن يكون مراد المرتضى بعدم نجاسة الوارد إنما هو عدم نجاسة العالي بالسافل حتى يكون لما ذكره ابن إدريس من أن فتاوى الأصحاب به وجه صحة فيرتفع الخلاف في البين، ومثله إجماع كاشف اللثام في المطهرات في الفرع الرابع الذي ذكره العلامة وهو " ينبغي في الغسل ورود الماء على النجس فلو عكس نجس الماء " قال في كاشف اللثام في شرح قوله ينبغي إلى آخره: " كما في الناصريات والسرائر ليقوى على إزالة النجاسة ويقهرها " إلى أن قال: " وإنما لا ينفعل مع الورود للحرج والاجماع " انتهى فإنه إن لم يحمل على إرادة