فماذا يطلب من شاهد على سعة وتوقد ذكائه أصدق من إملائه (المبسوط) ذلك الكتاب الضخم المطبوع في ثلاثين جزءا من الجب عن ظهر القلب كما أطبقت على ذلك كلمات المترجمين لهذا الامام العظيم الذي هو من مفاخر السلف علما وورعا.
وقال الحافظ عبد القادر القرشي في الجواهر المضية عن صاحب الترجمة: أحد الفحول الأئمة الكبار أصحاب الفنون، كان إماما علامة حجة متكلما فقيها أصوليا مناظرا، لزم الامام شمس الأئمة أبا محمد عبد العزيز الحلواني حتى تخرج به وصار انظر أهل زمانه، واخذ في التصنيف، وناظر الاقران فظهر اسمه وشاع خبره، ثم ذكر كيف أملى المبسوط في خمسة عشر مجلدا وهو محبوس في أوزجند بسبب كلمة كان فيها من الناصحين، ثم سرد ما قاله السرخسي في آخر العبادات والطلاق والعتاق والاقرار من المبسوط من كلمات تدل على التوجع من حبسه في محبس الأشرار. ثم قال: تفقه عليه أبو بكر محمد بن إبراهيم الحصيري، وأبو عمرو عثمان بن علي بن محمد البيكندي، وأبو حفص عمر بن حبيب جد صاحب الهداية لامه، وتقدم كل واحد في بابه، مات في حدود التسعين وأربعمائة.
وقال الشهاب المقريزي في تذكرته: تخرج بعبد العزيز الحلواني، وأملى المبسوط وهو في السجن، تفقه عليه أبو بكر محمد بن إبراهيم الحصيري وغيره، مات في حدود الخمسمائة وكان عالما أصوليا مناظرا.
وترجم له العلامة قاسم بن قطلوبغا في تاج التراجم ونقل من المسالك بعض ما سبق نقله، وذكر كلمة المقريزي ثم قال: ورأيت له كتابا في أصول الفقه جزءان ضخمان وهو هذا الكتاب، وشرح السير الكبير في جزأين ضخمين أملاهما وهو في الجب فلما وصل إلى باب الشروط حصل الفرج فأطلق فخرج في اخر عمره إلى فرغانة فأنزله الأمير حسن بمنزله فوصل إليه الطلبة فأكمل الاملاء في دهليز الأمير، وهو مطبوع في دائر المعارف، وشرح مختصر الطحاوي ورأيت قطعة منه، وشرح كتاب الكسب