هذه أو هذه فمضت المدة بانتا جميعا. ومن ذلك أن يستعمل الكلمة في موضع الإباحة فتكون بمعنى الواو حتى يتناول معنى الإباحة كل واحد من المذكورين، فإن الرجل يقول جالس الفقهاء أو المتكلمين فيفهم (منه) الاذن بالمجالسة مع كل واحد من الفريقين، والطبيب يقول للمريض كل هذا أو هذا فإنما يفهم منه أن كل واحد منهما صالح لك.
وبيان هذا في قوله تعالى: * (إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم) * فالاستثناء من التحريم إباحة ثم تثبت الإباحة في جميع هذه الأشياء، فعرفنا أن موجب هذه الكلمة في الإباحة العموم وأنه بمعنى واو العطف. وبيان الفرق بين الإباحة والايجاب أن في الايجاب الامتثال بالاقدام على أحدهما، وفي الإباحة تتحقق الموافقة في الاقدام على كل واحد منهما. وعلى هذا قلنا إذا قال لا أكلم أحدا إلا فلانا أو فلانا فإن له أن يكلمهما من غير حنث. ولو قال لأربع نسوة له والله لا أقربكن إلا فلانة أو فلانة فإنه لا يكون موليا منهما جميعا حتى لا يحنث إن قربهما ولا تقع الفرقة بينه وبينهما بمضي المدة قبل القربان. وقد تستعار أو بمعنى حتى قال تعالى: * (ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم) *: أي حتى يتوب عليهم. وفي هذه الاستعارة معنى العطف، فإن غاية الشئ تتصل به كما يتصل المعطوف بالمعطوف عليه، ولهذا قال في الجامع: لو قال والله لأدخلن هذه الدار اليوم أو لأدخلن هذه الدار فأي الدارين دخل بر في يمينه لأنه ذكر الكلمة في موضع الاثبات فيقتضي التخيير في شرط البر. ولو قال لا أدخل هذه الدار أو لا أدخل هذه الدار (فأي الدارين دخل حنث في يمينه لأنه ذكرها في موضع النفي فكانت بمعنى ولا. ولو قال والله لا أدخل هذه الدار أو أدخل هذه الدار) الأخرى فإن دخل الأولى حنث في يمينه، وإن دخل الثانية أولا بر في يمينه حتى إذا دخل الأولى بعد ذلك لا يحنث بمنزلة قوله لا أدخل هذه الدار حتى أدخل هذه الدار فكأن الدخول في الأخرى غاية ليمينه فإذا دخلها انتهت اليمين، وإن لم يدخلها حتى دخل الأولى حنث لوجود الشرط في حال بقاء اليمين، وإنما