القتل غاية لبيان شدة الضرب عادة. ولو قال حتى يغشى عليك أو حتى تبكي فهذا على حقيقة الغاية لان الضرب إلى هذه الغاية معتاد. وقد تستعمل الكلمة للعطف فإن بين العطف والغاية مناسبة بمعنى التعاقب ولكن مع وجود معنى الغاية فيها. يقول الرجل جاءني القوم حتى زيد ورأيت القوم حتى زيدا فيكون للعطف مع اعتبار معنى الغاية لأنه يفهم بهذا أن زيدا أفضل القوم أو أرذلهم. وقد يدخل بمعنى العطف على جملة فإن ذكر له خبرا فهو خبره وإلا فخبره من جنس ما سبق. يقول الرجل مررت بالقوم حتى زيد غضبان، وتقول أكلت السمكة حتى رأسها فهذا مما لم يذكر خبره وهو من جنس ما سبق على احتمال أن يكون هو الاكل أو غيره ولكنه إخبار بأن رأسها مأكول أيضا. ولو قال حتى رأسها بالنصب كان هذا عطفا، أي وأكلت رأسها أيضا ولكن باعتبار معنى الغاية. ومثل هذا في الافعال تكون للجزاء إذا كان ما قبلها يصلح سببا لذلك وما بعدها يصلح أن يكون جزاء فيكون بمعنى لام كي، قال تعالى: * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) * أي لكيلا تكون فتنة، وقال تعالى: * (وزلزلوا حتى يقول الرسول) * والقراءة بالنصب تحتمل الغاية، معناه إلى أن يقول الرسول فيكون قول الرسول نهاية من غير أن يكون بناء على ما سبق كما هو موجب الغاية أنه لا أثر له فيما جعل غاية له، ويحتمل لكي يقول الرسول، والقراءة بالرفع تكون بمعنى العطف أي ويقول الرسول. وعلى هذا قال في الزيادات: إذا قال إن لم آتك غدا حتى تغديني فعبدي حر فأتاه فلم يغده لا يحنث، لان الاتيان ليس بمستدام فلا يحتمل الكلمة بمعنى حقيقة الغاية وما بعده يصلح جزاء فيكون المعنى لكي تغديني فقد جعل شرط بره الاتيان على هذا القصد وقد وجد، وكذلك لو قال إن لم تأتني حتى أغديك فأتاه ولم يغده لم يحنث. وقد يستعار للعطف المحض كما أشرنا إليه في القراءة بالرفع، ولكن هذا إذا كان المذكور بعده لا يصلح للجزاء فيعتبر مجرد المناسبة بين العطف والغاية في الاستعارة. وعلى هذا قال في الزيادات: إذا قال إن لم آتك حتى أتغدى عندك اليوم أو إن لم تأتني حتى تتغدى عندي اليوم فأتاه ثم لم يتغد عنده في ذلك اليوم حنث، لان الكلمة بمعنى العطف فإن الفعلين من واحد فلا يصلح الثاني أن يكون جزاء للأول فحمل على العطف المحض لتصحيح الكلام، وشرط البر وجود الامرين في اليوم فإذا لم يوجدا حنث.
(٢١٩)