تصوير الوضع النوعي في الهيئة، دون المادة، فإنه يمكن أن يقال في هيئة المركب: إن تقدم المسند إليه على المسند - مثلا - يدل على معنى من دون لحاظ مادة من المواد، ويصلح للانطباق على كل مادة من المواد; موجودة كانت أم معدومة، وكذا في هيئة المفرد يمكن أن يقال: إن هيئة «فعل» - مثلا - تدل على النسبة التحققية في ضمن أي مادة تحققت أو تتحقق، وأما المادة فلا يمكن تصوير الوضع النوعي فيها; لأن كل مادة تباين المادة الاخرى، وما يمكن فيها إنما هو الوضع الشخصي، ولازم ذلك عدم إفادة الجملة - التي حدثت مادتها - للمعنى التصديقي; مثلا: لا تدل جملة «الكهرباء موجود» - إذا لم يكن للفظ «الكهرباء» معنى معهود في الخارج - على المعنى التصديقي; لعدم وجود هذه الجملة المركبة من المادة لتضع لإفادة ذلك المعنى.
وبعبارة أخرى: ما يمكن أن يتصور فيه الوضع النوعي إنما هو هيئة القضية، مثل هيئة الجملة الاسمية وهيئة الجملية الفعلية; حيث تنطبقان على كل مادة متهيئة بهما، وأما مواد القضايا فلا يمكن أن يتصور فيها ذلك; لاختلاف المواد، وما يمكن فيه إنما هو الوضع الشخصي، فعلى هذا لابد لمن يقول: بأن مجموع المادة والهيئة يدل على المعنى التصديقي - قبال المشهور القائلين: بأن ما يدل عليه هو الهيئة - أن يلتزم بالوضع الشخصي; مثلا: يلزم أن تكون جملة «زيد قائم» بخصوصها وضعت لإفادة المعنى التصديقي، وكذا جملة «عمرو قاعد» و «بكر قائم»... وهكذا.
ويترتب على هذا القول عدم جواز استعمال جملة لم يسبق إليها الواضع بأن كانت لها مادة حادثة ولم يفهم منها معنى، ك «الكهرباء موجود» - مثلا - مع أن الضرورة حاكمة بجواز استعمالها، وفهم المعنى التصديقي منها ولو لم نفهم معنى «الكهرباء»، فهذا أصدق شاهد على أن ما وضع للدلالة على المعنى التصديقي هو الهيئة; لأنها القابلة للوضع النوعي.
هذا هو مراد ابن مالك، وكأن المحقق الإصفهاني (قدس سره) لم يلاحظ مقالة هذا