و «إلى» - مثلا - إنما جيء بهما لإيجاد الربط وإحداث العلقة بين «السير» و «البصرة» و «الكوفة» الواقعة في الكلام; بحيث لولا ذلك لما كان بين هذه الألفاظ ربط وعلاقة أصلا.
ثم بعد ذلك يلاحظ مجموع الجملة بما لها من النسبة بين أجزائها، فإن كان له خارج تطابقه فالكلام صادق، وإن لم تطابق النسبة الخارج فالكلام كاذب.
فظهر لك: أن ملاك الصدق والكذب هو ملاحظة المجموع المتحصل من جزئي الكلام - بعد إيجاد الربط بينهما - للخارج، لا ملاحظة النسبة الكلامية للنسبة الخارجية، وكم فرق واضح بينهما كما لا يخفى (1)؟! انتهى محررا.
وفيه: أنه (قدس سره) لم يقم على دعواه - من كون جميع معاني الحروف إيجادية - دليلا، فما ذكره دعوى بلا بينة، ومع ذلك فقد وقع الخلط والاشتباه في كلامه من وجوه:
فأولا: هو أن الإيجادية التي ذكرها في ابتداء الأمر الثاني - عند تقسيم المعاني إلى الإخطارية والإيجادية - غير ما قاله في آخر كلامه.
فقال أولا: إن معنى كون «كاف» الخطاب و «يا» النداء إيجادية: هو أنه قبل الخطاب والنداء لم يكن خطاب ولا نداء تحكيان عنهما، بل يوجدان بلفظة «كاف» الخطاب و «يا» النداء، وهذا المعنى من الإيجادي هو الذي يدعيه في قسم من الحروف.
وأما ما ذكره أخيرا: فهو أنه لا شأن للحروف أصلا إلا إيجاد الربط بين أجزاء الكلام، فيدل قوله هذا على أن الحروف لا تدل أصلا على غير إيجادية النسبة بين أجزاء الكلام حتى إيجاد المعنى، مع أنه ذكر في ابتداء الأمر أنه بنفس «كاف» الخطاب و «يا» النداء يوجد معنى الخطاب والنداء، لا أن «الكاف» و «يا» النداء توجدان النسبة بين الجملتين (2).