أما مع الجهل بالاختلاف فقد صرح غير واحد بجواز الرجوع للمفضول وعدم وجوب الفحص عن الاختلاف. وقد استدل عليه بوجوه..
أولها: ما ذكره سيدنا الأعظم قدس سره من إطلاق أدلة الحجية. قال: " واحتمال الاختلاف بين الفتويين الموجب لسقوط الاطلاق عن الحجية لا يعتنى به في رفع اليد عن الاطلاق، كما في سائر موارد التخصيص اللبي ".
وقد أشار بذلك إلى ما بنى عليه قدس سره من جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية من طرف الخاص، إذا كان المخصص لبيا، كما في المقام، إذ لا دليل على قصور الاطلاق عن شمول الفتويين المتعارضتين إلا حكم العقل بامتناع حجيتهما معا.
لكن المبنى المذكور - مع أنه غير تام في نفسه، على ما ذكرناه في مباحث العموم والخصوص - مختص عندهم بما إذا كان المخصص خفيا غير مانع من انعقاد ظهور العام في العموم، ولا يشمل ما لو كان جليا مانعا من انعقاده، كما في المقام، حيث يرجع للتمسك بالعام في الشبهة المصداقية من طرف العام، الممتنع بلا كلام، كما نبه له شيخنا الأستاذ قدس سره.
مضافا إلى لزوم الاقتصار في ذلك على الشبهات الموضوعية التي لا يجب الفحص فيها، دون مثل المقام مما كان مرجع الشك فيه إلى الشك في الحكم الشرعي الكلي، لان ما دل على وجوب الفحص صالح لتنجيز احتمال التخصيص، ومع تنجيزه تمتنع حجية العام، على ما سيأتي توضيحه.
ثانيها: ما في التقريرات من أصالة عدم المعارض. حيث يحرز بذلك بقاء الفتوى تحت دليل الحجية وعدم المانع منها.
وهو راجع في الحقيقة إلى التمسك بإطلاق دليل الحجية، بضميمة الأصالة المذكورة.
لكن ذلك قد يتم مع عدم تنجز احتمال وجود المعارض في نفسه، دون