ولازم ذلك عدم اختصاص جواز تقليد الميت بمن رجع إليه وسأله في حياته، بل يعم كل من وجب عليه الرجوع إليه والعمل بقوله في حياته، سواء رجع إليه وعمل بقوله فعلا أم لم يرجع إليه ولم يعمل بقوله قصورا أو تقصيرا.
الثاني: أن وجوب الرجوع للمفتي وسؤاله وتقليده والعمل بقوله وغيرها مما تضمنته الأدلة لما كان طريقيا للفراغ عن التكليف الواقعي، ولذا كان كناية عن حجية الفتوى فلا إطلاق له يشمل الوقائع اللاحقة، بل المراد به الرجوع في الوقائع التي هي مورد ابتلاء المكلف والتي يحتاج لمعرفة حكمها، لان حذف المتعلق إنما يقتضي العموم مع عدم القرينة على التخصيص.
وتعميم الحجية لغيرها من الوقائع التي يتجدد الابتلاء بها موقوف على أن يكون للأدلة إطلاق أحوالي، وهو إنما يتجه قبل فقد المرجع للعنوان المعتبر في الحجية، لا بعده للموت ونحوه.
ودعوى: أنه لا معنى للاطلاق الأحوالي في فرض العلم برأي المفتي بالسؤال منه في الواقعة الأولى، لعدم الموضوع معه للسؤال والرجوع والتعلم التي تضمنتها الأدلة، فلابد من كون منشأ حجية الفتوى في الوقائع اللاحقة هو شمول إطلاق الرجوع من أول الامر لها.
وحينئذ لا يفرق بين الوقائع المتجددة حال حفظ المفتي للعنوان وحال فقده له.
مدفوعة: بأن عدم الموضوع للسؤال والرجوع والتعلم مع العلم بالمسألة لا ينافي في ثبوت الاطلاق الأحوالي للأدلة وشموله للوقائع المتجددة، لان الأدلة وإن اشتملت على العناوين المذكورة التي لا موضوع لها مع العلم بالمسألة، إلا أنها كناية عن حجية الفتوى القابلة للبقاء في الوقائع اللاحقة، لتحقق موضوعها فيها، وهو الجهل بالواقع.
ولذا يجب على المكلف تقليد من تمت فيه الشرائط وإن سبق منه العلم