وقد تقدم في الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد الكلام في بعض الجهات الراجعة للاستدلال بها مما ينفع في المقام.
كما تقدم الاشكال في الاستدلال بآيات أخر قد استدل بها على حجية الفتوى أيضا كآيتي الذكر والكتمان - حيث يظهر بمراجعة ذلك ضعف الاستدلال بها على حجية الفتوى.
الثالث: النصوص الكثيرة الواردة في فضل العلم وتعليمه وتعلمه والانتفاع به والرجوع للعلماء في القضاء وأخذ الاحكام منهم ونحو ذلك (1)، حيث يظهر من مجموعها المفروغية عن جواز الاعتماد على العلماء في معرفة الاحكام والعمل عليها، لكن لا عموم للنصوص المذكورة، لعدم التصدي فيها لبيان الحجية، وإنما استفيد منها المفروغية عنها تبعا لسيرة العقلاء المشار إليها، فتدل على إمضائها، ويستفاد العموم من السيرة لا منها.
نعم، يستفاد العموم من قوله عليه السلام في التوقيع الشريف: " وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله (2)، وقوله عليه السلام في ما كتبه لأحمد بن حاتم وأخيه " فاصمدا في دينكما على كل مسن في حبنا، وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى " (3) وقول الصادق عليه السلام في مرسل الاحتجاج: " فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه " (4).
اللهم إلا أن يستشكل في الأول باحتمال الرجوع لاخذ الرواية، لا الفتوى، فتدل على حجية خبر الواحد. فتأمل.