للواجب ولا محبوبية له بلحاظ أنها مزاحمة بمبغوضية المقدمة الأقوى منها وإن كان في نفسه وبقطع النظر عن مبغوضية المقدمة محبوبا وكذلك مقدمته محبوبة بالتبع بقطع النظر عن مبغوضيتها وإن كانت حرمتها مساوية مع وجوب الواجب النفسي فالأمر أيضا كذلك.
والخلاصة أن حرمة المقدمة ومبغوضيتها لا تصلح أن تكون دليلا على عدم الملازمة بين إرادة شئ ذاتا وإرادة مقدمته تبعا وبين محبوبية شئ أصالة ومحبوبية مقدمته تبعا والإرادة التبعية ليست إرادة مستقلة ولها وجود كذلك في أفق النفس بل هي متولدة من الإرادة الأصيلة ومن مراتب وجودها النازلة.
وأما المقدمة الثانية: فهي غير صحيحة إذ لا دليل على أن كلما يجوز في الإرادة التكوينية يجوز في الإرادة التشريعية أيضا وذلك لأن للحكم ثلاث مراحل:
الأولى: مرحلة الملاك.
الثانية: مرحلة الإرادة والحب.
الثالثة: مرحلة الجعل والاعتبار.
أما في المرحلة الأولى فلا ملازمة بين اتصاف الفعل بالملاك واتصاف مقدماته به وإلا لكان وجوبها نفسيا لا غيريا وهذا خلف.
وأما في المرحلة الثانية فقد عرفت ثبوت الملازمة فيها وجدانا بين إرادة شئ وإرادة مقدماته لا برهانا وأما في المرحلة الثالثة وهي مرحلة الإرادة التشريعية التي هي متمثلة في إيجاب شئ فلا ملازمة بينه وبين إيجاب مقدماته وذلك لأنه إن أريد بالملازمة بينهما ترشح وجوب المقدمة وتولده من وجوب ذيها بصورة قهرية كتولد المعلول عن العلة التامة ففيه أنه غير معقول لأن الوجوب أمر اعتباري لا واقع له في الخارج لكي يتصور فيه التأثير والتأثر والعلية