الثالثة: أن يكون ترك أحد الضدين مقدمة للضد الآخر.
وكل هذه المسائل والمقدمات غير ثابتة كما سوف يأتي بيانه في مبحث الضد الخاص بعونه تعالى.
وأما صحة العبادة كالصلاة مثلا فهي لا تترتب على القول بوجوب المقدمة الموصلة لأن الأمر بالترك الموصل وإن لم يقتض النهي عن الصلاة إلا أنه في هذه الحالة لا يمكن الأمر بها وإلا لزم الأمر بالضدين هما الصلاة والإزالة ومن الواضح أن صحة العبادة تتوقف على أحد أمرين:
الأول: على وجود الأمر.
الثاني: على إحراز وجود الملاك والمحبوبية فيها.
وإحراز الثاني يتوقف على وجود الأول إذ لا طريق إليه بدونه وعلى هذا فإذا لم يكن أمر بالصلاة كما في المقام فلا طريق إلى إحراز أنها محبوبة ومشتملة على المصلحة في هذه الحالة فلهذا تتوقف صحتها على مسألة أخرى وهي مسألة الترتب إذ بها يثبت الأمر بالصلاة مشروطا بترك الإزالة.
فالنتيجة أن صحة العبادة لا تترتب على هذه المسألة مباشرة بل هي مترتبة على مسألة الترتب كذلك وهي مسألة أصولية دونها.
هذا إضافة إلى أنا لو سلمنا تمامية المقدمات المذكورة فمع ذلك لا يمكن الحكم بصحة العبادة كالصلاة لأن الأمر بتركها الموصل وإن لم يقتض النهي عنها إلا أنها مع ذلك تكون متعلقة للنهي الغيري على ضوء تلك المقدمات فإن بين الضدين تمانع فكما أن ترك كل منهما مقدمة لوجود الآخر فكذلك وجود كل منهما مانع عن الآخر وعلة لتركه وعلى هذا فوجود الصلاة مانع عن وجود الإزالة وعلة تامة لتركها والمفروض أنه حرام غيري باعتبار أنه الضد العام لوجود الإزالة وحيث أن فعل الصلاة علة تامة لتركها فيحرم