حكما لشئ فله أن يقيده بقيد مقارن أو متقدم أو متأخر، من هنا كان له أن يجعل وجوب صوم شهر رمضان عند طلوع الفجر مشروطا بشرط متقدم وهو رؤية الهلال في الليل وصحة العقد الفضولي من حين وقوعه مشروطا بشرط متأخر وهو إجازة المالك وهكذا. فإذن لا مانع من تقييد الأحكام الشرعية بقيد متقدم أو متأخر هذا، ولكن هذه الشهرة لا تبني على نكتة مبررة لها لأن الأحكام الشرعية وإن كانت أمورا اعتبارية، إلا أن جعل المولى الحكم مشروطا بشئ لا يمكن أن يكون جزافا وبلا نكتة، مثلا جعل الاستطاعة شرطا لوجوب الحج والسفر لوجوب القصر وهكذا، لا يمكن أن يكون جزافا وبدون ملاك.
ومن هنا قلنا أن كل قيد مأخوذ في لسان الدليل شرعا ظاهر في أنه دخيل في الحكم في مرتبة الجعل واتصاف الفعل بالملاك في مرتبة المبادئ، فإذن نكتة جعل الحكم مشروطا بشئ كونه دخيلا في اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ، ومن الواضح أن هذا الاتصاف أمر واقعي وليس باعتباري، كما أن جعل شئ قيدا للمأمور به إنما هو بنكتة أنه دخيل في ترتب الملاك عليه، وعلى هذا الأساس فلا فرق بين التكوينيات والتشريعيات، باعتبار أن الشروط في التشريعيات ترجع في الحقيقة إلى شروط للأمور الواقعية، فإنها إن كانت للوجوب إثباتا فهي شروط في الحقيقة للاتصاف في مرحلة المبادئ ثبوتا، وإن كانت للواجب كذلك، فهي شروط في الحقيقة لترتب الملاك عليه في الخارج، فما ذكره صاحب الكفاية (قدس سره) من البرهان وهو أن العلة التامة لا يمكن تقدمها بتمام أجزائها على المعلول، كما لا يمكن تأخرها كذلك عن المعلول متين جدا، إلا أنه يمكن علاج الشرط المتقدم بإرجاعه إلى الشرط المقارن لبا وواقعا وإن كان منه صورة، بتقريب أن الشرط إن كان شرطا للوجوب