(١) لا يخفى أن الأجوبة التي ذكروها في دفع الإشكال عن الأخبار مع الواسطة غير مقنعة:
أما أولا: فلأن أدلة حجية خبر الواحد - أي الآيات الكريمة (أ) التي أهمها آية النبأ (ب) - ليس لسانها لسان تتميم الكشف، وجعل خبر الواحد مصداق العلم تشريعا كما يدعى (ج) بل لسانها ايجاب العمل على فرض الدلالة، ويمكن أن يكون حصول الظن النوعي منه، أو الكشف الظني عن الواقع، نكتة التشريع، أو ذلك مع عدم وقوع الناس في الكلفة نكتته، ولا دليل على أن إيجاب العمل لإلقاء احتمال الخلاف وجعل مصداق من العلم، فحينئذ يسقط ما تشبثوا (د) به من إحراز الموضوع بدليل أصدق العادل وتعلق الحكم الانحلالي به، وهكذا. كما أنه لا دلالة لها على التعبد بوجود الخبر به، حتى يأتي فيه ذلك.
وأما ثانيا: فعلى فرض تتميم الكشف لابد من أثر عملي للمنكشف بالخبر، ولا إشكال في أن خبر الشيخ لا يكون وجوب ملاة الجمعة، بل لا يخبر إلا عن تول المفيد بكذا من غير إخبار عن مقول قوله، فلا أثر لقوله بما هو قوله.
والانتهاء إلى الأثر إن كان بالملازمة العقلية أو العادية، فلا بأس به، لكنها ممنوعة، والملازمة الشرعية تحتاج إلى جعل، وليس في البين إلا هذه الأدلة، فما أفاده شيخنا العلامة (ه) غير ظاهر.
ودعوى دخالة كل خبر في موضوع الحكم كما ترى (و) فإن موضوع الوجوب - مثلا - هو صلاة الجمعة، لاهي مع كونها محكية.
مع أن الانتهاء إلى الأثر إنما هو بالتعبد، ولابد للتعبد من الأثر.
وبالجملة: أن خبر الشيخ لا عمل له، ولا أثر عملي له، ولا يكون جزء موضوع للعمل. نعم له أثر عملي بما هو موضوع من الموضوعات، وهو جواز (ز) نسبة الخبر إلى المفيد، وهكذا، لكنه لابد فيه من البينة كسائر الموضوعات.
وثالثا: بناء على أن المجعول وجوب تصديق العادل، لا محيص إلا أن يكون المراد هو التصديق العملي، أي ترتيب الآثار عملا، ولاعمل لاخبار الشيخ، لأن وجوبصلاة الجمعة ليس مفاد خبره، ولهذا لو لم تكن واجبة لم يكن قول الشيخ مخالفا للواقع، بل لو لم يخبر به المفيد لكان خبره مخالفا له ولو كانت الصلاة واجبة، فحينئذ فلا معنى للتعبد بخبر الشيخ.
والعجب منهم حيث تشتثوا بتصحيح الحجية بأول السلسلة وأن قول الصفار له أثر غير وجوب