الأحكام الواقعية، ومعنى حكومتها هو أنها مثبتة لتلك الأحكام - فيه:
أولا: أن أدلة الأصول ليست مثبتة للأحكام الواقعية، بل هي مثبتة لوظائف في زمان الشك حتى في الأصول المحرزة، فإن مفادها البناء على الإحراز، لا الإحراز الذي في الطرق.
وثانيا: أن مجرد إثبات الأمارات الأحكام الواقعية لا يوجب حكومتها عليها، لعدم انطباق ضابطة الحكومة على ذلك كما لا يخفى، وسيأتي في محل. نعم بعض أدلة الأصول حاكمة على أدلة الشرائط، كأصالة الطهارة، فإن مفادها توسعة دائرة الشرطية.
الثالث: أن بيان كون الدليل حاكما على نفسه يمكن أن يكون بوجه آخر ، وهو: أن أدلة اعتبار الخبر لما كانت مثبتة لموضوع نفسها، تكون حاكمة على نفسها، ضرورة حكومة قوله: " أخبر العادل " على قوله: " صدق خبر العادل "، مثل حكومة قوله: " زيد عالم " على قوله: " أكرم العالم "، فما يكون مفاده تحقق خبر العادل، يكون حاكما على ما يكون مفاده تصديقه، والفرض أن دليل الاعتبار متكفل لكلا الأمرين، فيكون حاكما على نفسه ولا يخفى أنه على هذا التقرير يكون هذا الوجه تقريرا آخر للإشكال الأول، لا الثاني.
والمظنون أن الفاضل المقرر قد خلط في تقريره، والشاهد عليه أنه في ذيل كلامه - الذي تصدى لبيان الفرق بين حكومة الأصل السببي والمسببي، وبين ما نحن فيه قال: إن الحكومة في باب الأصل السببي والمسببي