فيه مما لا سبيل لإنكاره، وقد عرفت عدم المعارضة بينهما، لأن المفهوم لا يقتضي تخصيص العموم، بل هو على حاله من العموم، بل إنما يقتضي خروج خبر العادل عن موضوع القضية، لاعن حكمها، فلا معارضة بينهما أصلا، لعدم تكفل العام لبيان موضوعه وضعا ورفعا، بل هو متكفل لحكم الموضوع على فرض وجوده، والمفهوم يمنع عن وجوده (1) انتهى.
ويرد عليه: أولا: أن التعليل يمنع عن المفهوم بلا إشكال. والسر فيه ليس ما أفاد المستشكل، بل هو أن القضية الشرطية إنما تكون ذات مفهوم لظهور التعليق في العلية المنحصرة - كما هو المقرر في محله (2) - وهذا الظهور إنما ينعقد إذا لم يصرح المتكلم بعلة الحكم، لأنه مع تصريحه بها لا معنى لإفادته العلية، فضلا عن انحصارها.
فقوله: " إن جاءك زيد فأكرمه " إنما يدل على علية المجئ للإكرام وانحصارها فيه إذا أطلق المتكلم كلامه، وأما إذا صرح بأن علة الإكرام هو العلم، لا يبقى ظهور له في العلية، فضلا عن انحصارها. ولعمري إن هذا واضح للمتأمل، ومن العجب غفلة الأعلام عنه.
وهذا الإشكال مما لا يمكن دفعه أيضا، وعليه لاوقع لما أفاده المحقق المعاصر وغيره (3) في دفعه.