ما تدل عليه الآية هي جواز العمل على طبق قول العادل أو وجوبه، وليس لسانها لسان الحكومة، وليس فيها دلالة على كون خبر العادل محرزا للواقع وعلما في عالم التشريع.
نعم، لو ادعى أحد أن قوله: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) * (1) مفهومه عدم وجوب التبين في خبر العادل، لكونه متبينا في عالم التشريع، لكان للحكومة وجه، لكنه غير متفاهمه العرفي كما لا يخفى.
ومن الإشكالات المختصة: لزوم خروج المورد عن المفهوم، فإنه من الموضوعات الخارجية، وهي لا تثبت إلا بالبينة، فلابد من رفع اليد عن المفهوم لئلا يلزم التخصيص البشيع.
ولقد تصدى لرده المحقق المعاصر - رحمه الله - بما ملخصه: من أن المورد داخل في عموم المنطوق، وهو غير مخصص، فإن خبر الفاسق لا اعتبار به مطلقا، لافي الموضوعات ولا في الأحكام. وأما المفهوم فلم يرد كبرى لصغرى مفروضة الوجود، لأنه لم يرد في مورد إخبار العادل بالارتداد، بل يكون حكم المفهوم من هذه الجهة حكم سائر العمومات الابتدائية، فلا مانع من تخصيصه.
ولافرق بين المفهوم والعام الابتدائي سوى أن المفهوم كان مما تقتضيه خصوصية في المنطوق، ولا ملازمة بين المفهوم والمنطوق من حيث المورد، بل القدر اللازم هو أن يكون الموضوع في المنطوق والمفهوم واحدا (2) انتهى.