مشترك بين إخبار الفاسق والعادل، فمفهوم التعليل يقتضي التبين عن خبر العادل، فيقع التعارض بينهما، والتعليل أقوى في مفاده، خصوصا في مثل هذا التعليل الآبي عن التخصيص، فعموم التعليل لاقوائيته يمنع عن ظهور القضية في المفهوم، فلا يلاحظ النسبة بينهما، فإنها فرع المفهوم.
ولقد تصدى المشايخ لجوابه، وملخص ما أفاد بعض أعاظم العصر قدس سره - على ما في تقريرات بحثه - أن الإنصاف أنه لاوقع له:
أما أولا: فلأن الجهالة بمعنى السفاهة والركون إلى ما لا ينبغي الركون إليه، ولا شبهة في جواز الركون إلى خبر العادل دون الفاسق، فخبر العادل خارج عن العلة موضوعا.
وأما ثانيا: فعلى فرض كونها بمعنى عدم العلم بمطابقة الخبر للواقع، يكون المفهوم حاكما على عموم التعليل، لأن أقصى ما يدل عليه التعليل هو عدم جواز العمل بما وراء العلم، والمفهوم يقتضي إلقاء احتمال الخلاف، وجعل خبر العادل محرزا للواقع وعلما في عالم التشريع، فلا يعقل أن يقع التعارض بينهما، لأن المحكوم لا يعارض الحاكم ولو كان ظهوره أقوى، لأن الحاكم متعرض لعقد وضع المحكوم إما بالتوسعة أو التضييق.
فإن قلت: إن ذلك كله فرع ثبوت المفهوم، والمدعى أن عموم التعليل مانع عن ظهور القضية فيه.
قلت: المانع منه ليس إلا توهم المعارضة بينهما، وإلا فظهورها الأولي