والسر في ذلك: هو أن الوقائع المشتبهة لوحظت قضية واحدة مجتمعة الأطراف قد حكم عليها بالاحتياط، لأن الإجماع أو الخروج عن الدين إنما كان دليلا على عدم جواز إهمال مجموع الوقائع المشتبهة من حيث المجموع، لاعلى كل شبهة شبهة، فإن إهمال كل شبهة مع قطع النظر عن انضمام سائر الشبهات إليها لا يوجب الخروج عن الدين، ولا قام الإجماع على عدم جوازه، بل معقد الإجماع ولزوم الخروج عن الدين إنما هو إهمال مجموع المحتملات من المظنونات والمشكوكات والموهومات، وذلك يقتضي نصب الشارع طريقة الاحتياط في المجموع، فيكون حكما خاصا ورد على موضوع خاص (1) انتهى.
فيرد عليه: أن قيام الإجماع على عدم جواز إهمال مجموع المشتبهات من حيث المجموع، وكذلك لزوم الخروج عن الدين في ترك المجموع من حيث المجموع، لا يوجبان الاحتياط التام في جميع المشتبهات، ولا يمكن استكشاف ذلك منهما، فإن غاية ما يستكشف منهما لزوم إتيان بعض المشتبهات بنحو الإهمال، فإن هدم المجموع إنما يكون بالبعض بنحو القضية المهملة، لا بالجميع بنحو الاستغراق، ولا بالمجموع بنحو لحاظ الوحدة.
وبالجملة: مخالفة الإجماع والخروج عن الدين إنما يكونان بترك المجموع من حيث المجموع، وذلك لا يقتضي الاحتياط في المجموع من حيث المجموع، بل يقتضي عدم جواز إهمال المجموع من حيث المجموع الملازم للتعرض لبعض