تقدم - هو الإجماع على النحو الرابع، ولا يستكشف منه نصب الشارع الطريق الواصل بنفسه - أي الاحتياط التام - بل يشترك هذا الوجه مع الوجه الثالث في حكم العقل بالاحتياط. هذا كله حال الإجماع.
وأما قضية الخروج من الدين، فمحصل الكلام فيه: أن الإجماع لو كان على ذلك العنوان فهو ملازم عقلا لترك التكاليف وإهمالها، مع قطع النظر عن الإشكال المتقدم، فإهمال التكاليف لازمه الخروج من الدين، فإذا كان الخروج من الدين مرغوبا عنه شرعا ومحرما إجماعا، فيكون إهمال التكاليف ملزومه، فيحكم العقل بإتيانها تحفظا عن الخروج من الدين، وليس هذا حكما شرعيا بالاحتياط، بل حكم عقلي صرف من باب المقدمية.
هذا مضافا إلى أنه لو سلم وجوب التعرض للتكاليف شرعا لأجل عدم الخروج من الدين، لا يمكن استكشاف الاحتياط التام، لأن الخروج من [الدين] لو سلم إنما يرتفع بالتعرض لجملة من الأحكام، لا جميعها، فلا وجه للاحتياط التام لأجله.
فتحصل من جميع ذلك: أن ما ادعي - من أن اختلاف نتيجة دليل الانسداد باختلاف المدرك في المقدمة الثانية - مما لا ينبغي أن يصغى إليه، فانهدم أساس ما أرعد وأبرق الفاضل المقرر - رحمه الله - من إيداع شيخه العلامة الدقائق العلمية في المقام مما كانت الأفهام عن إدراكها قاصرة.
هذا تمام الكلام في إبطال جواز إهمال الوقائع.