على رغم علماء المنطق وعلمهم لصارت المقدمات أكثر مما ذكروا، فإن بطلان الاحتياط مقدمة برأسه، وله دليل مستقل، وبطلان التقليد كذلك، وكذلك بطلان الرجوع إلى الأصل الجاري في كل مسألة، بل وانسداد باب العلم غير انسداد باب العلمي موضوعا ودليلا، فلا وجه لحصر المقدمات في أربع أو خمس.
وأما ثالثا: فلأنه قد وقع الخلط في أخذ المقدمات، فأخذت المقدمة التي بلا واسطة تارة، والتي مع الواسطة أخرى، وأيضا في مقدمة أخذت العلة، وفي الأخرى اخذ المعلول، وهو خلاف نظم البرهان، فمن أراد تنظيم البرهان على الوجه المقرر في علم الميزان لابد له من ترتيب المقدمات القريبة المنتجة بلا واسطة، وأما أخذ مقدمات المقدمات وعللها فهو خلاف الترتيب، فضلا عن اختلاط القياس من المقدمات التي بلا واسطة والتي مع الواسطة، كما وقع منهم في المقام، فإن العلم الإجمالي بالأحكام، وانسداد باب العلم والعلمي، وقبح ترجيح المرجوح على الراجح، من المقدمات البعيدة وعلل المقدمات المنتجة في القياس. وبطلان إهمال الوقائع المشتبهة والرجوع إلى البراءة، وبطلان الاحتياط والتقليد والرجوع في كل مسألة إلى الأصل الجاري فيها، من المقدمات القريبة المنتجة.
فالأولى تنظيم البرهان على النظم القياسي المنطقي، فيقال:
لولا حجية الظن المطلق، أو لولا وجوب العمل بالظن المطلق، للزم - على سبيل منع الخلو -: إما إهمال الوقائع المشتبهة والرجوع إلى البراءة في