وإن أريد الإجماع على النحو الرابع - كما أن المقطوع به أنه لو كان إجماع في البين لكان على هذا النحو، لاعلى المشتبهات بما أنها مشتبهات - فيكون الإجماع على لزوم التعرض للتكاليف الواقعية حتى مع عروض الاشتباه، فيرجع إلى أن التكاليف الواقعية بقيت فعلية في زمان الانسداد.
فيرد عليه: أن هذا الإجماع لا يقتضي جعل الاحتياط أصلا، بل مع العلم بأن التكاليف بقيت على فعليتها في حال عروض الاشتباه عليها، يحكم العقل بالاحتياط التام والجمع بين المشتبهات لأجل التحفظ على الواقع.
إن قلت: هذا يرجع إلى الوجه الثالث، وهو العلم الإجمالي بالتكاليف.
قلت: كلا، فإن الوجه الثالث هو أن العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعية من حيث هو موجب لوجوب الخروج عن العهدة، ويحكم العقل بالاحتياط لأجله، بخلاف هذا الوجه، فإنه لا يحكم بوجوب إتيان المشتبهات لأجل العلم الإجمالي بالتكاليف الأولية من حيث هي، بل لأجل حكم الشرع بأن التكاليف بعد عروض الاشتباه عليها - أيضا - بقيت على فعليتها، فالجمع بين المشتبهات ليس لأجل تنجيز العلم الإجمالي كما في الوجه الثالث، بل لأجل التعرض لحال اشتباه التكاليف.
وليس للعقل المعارضة مع الحكم الشرعي في ذلك، فإن الإجماع إذا قام على فعلية الأحكام مع عروض الاشتباه، يحكم العقل قطعا بلزوم الجمع بين المشتبهات ولو لم ينجز العلم الإجمالي.
فتحصل من ذلك: أن الإجماع الذي يمكن دعواه - على إشكال فيه قد