لكن كون هذا أمرا تعبديا - لا إرشاديا - ممنوع.
وبالجملة: ليس في البين من الشارع إلا الأمر بإطاعة جميع أحكامه، وهو أمر إرشادي عقلي، لا تعبدي شرعي.
الوجه الثالث: العلم الإجمالي بثبوت التكاليف، وهو كالتفصيلي في وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية، فلا تجري الأصول النافية في أطرافه (1).
وهذا هو العمدة في هذا الباب، وأما الوجهان الأولان فقد عرفت النظر فيهما، فما أفاده بعض أعاظم العصر - من أن هذه الوجوه الثلاثة في غاية الصحة والمتانة غير تابلة للخدشة فيها (2) - فيه ما لا يخفى.
إن قلت: هذا الوجه - أيضا - مخدوش فيه، لأن بعض أطراف العلم الإجمالي إذا كان مرخصا فيه، أو لزم الاقتحام فيه، فهل كان العقاب على المخالفة في سائر الأطراف - حينئذ - على تقدير المصادفة إلا عقابا بلا بيان، والمؤاخذة عليها إلا مؤاخذة بلا برهان.
قلت: نعم هذا ما أفاد المحقق الخراساني - قدس سره - في وجه عدم منجزية العلم الإجمالي.
وأجاب عنه: بأن هذا إنما يلزم لو لم يعلم بإيجاب الاحتياط، وقد علم بنحو اللتم، حيث علم اهتمام الشارع بمراعاة تكاليفه، مع صحة دعوى الإجماع