العقلي، والعقل يحكم بأن القبيح هو الإقدام على الضرر الغير المتدارك لا المتدارك.
وإن شئت قلت: هذا نفي كلية الكبرى، لمنع كلية قبح الإقدام على كل ما لا يؤمن معه الضرر.
قوله: وذلك ينحصر بالتعبد بالامارات (1).
هذا حق لو كانت الامارات مجعولات شرعية، وأما لو كانت الامارات أمورا عقلائية - يعمل بها العقلاء في جميع أمور معاشهم وسياساتهم - فلا يكون وقوعهم في الضرر والمفسدة بإيقاع الشرع، والامارات كلها عقلائية، وأنما لم يردع عنها الشارع، ومجرد عدم ردعه إياهم لا يوجب الايقاع في المفسدة من قبله.
وأما الأصول العملية فيمكن أن يقال: إن ترخيص الشارع بنحو العموم لكل مشتبه إغراء للمكلف في الوقوع في المفسدة، وذلك - أيضا - قبيح ولو في مورد حكم العقل بجواز الارتكاب.
لا يقال: إن أدلة حجية الأمارات - أيضا - إغراء له فيها.
فإنه يقال: ليس في الآيات والاخبار التي استدلوا بها لحجيتها دليل يصح الاعتماد عليه في الترخيص في العمل بالامارات بنحو الإطلاق، وإنما هي أدلة في موارد خاصة وأشخاص معلومة، ولعلهم كانوا مأمونين عن تخلف قولهم للواقع، لشدة تحفظهم وتقواهم.